فيها، وعورض بأنه ليس في الحديث ما يقتضي فعل ذلك دائمًا اقتضاء قومًا، وأكثر العلماء على أن: كان لا تقتضي الداومة.
وأجيب: بأنه ورد في حديث ابن مسعود التصريح بمداومته ﵊ على ذلك؛ أخرجه الطبراني بلفظ: -"يديم ذلك"، وأصله في ابن ماجة بدون هذه الزيادة، ورجاله ثقات، لكن صوّب أبو حاتم إرساله.
وبالجملة فالزيادة نص في ذلك، فدلّ على السنية، وبه أخذ الكوفيون، والشافعي، وأحمد وإسحاق، وقال به أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين.
وكره مالك ﵀ في المدوّنة للإمام أن يقرأ بسورة فيها سجدة خوف التخليط على المصلين، ومن ثم فرق بعضهم بين الجهرية والسرية، لأن الجهرية يؤمن معها التخليط.
وأجيب: بأنه صح من حديث ابن عمر عند أبي داود أنه ﷺ قرأ بسورة فيها سجدة في صلاة الظهر، فسجد بهم، فبطلت التفرقة. وعلله بعض أصحابه بأن سجدات الصلاة محصورة، فزيادة سجدة خلاف التحديد.
قال القرطبي: وهو تعليل فاسد بشهادة هذا الحديث. وقيل: تجوز قراءتها في صلاة الجهر لهذا الحديث، ورواه ابن وهب.
وقال أشهب: إذا قلت الجماعة قرأها وإلا فلا، وقيل: العلة خشية اعتقاد العامي وجوبها، وحينئذٍ فتترك أحيانًا لتندفع الشبهة، وبمثله قال صاحب المحيط من الحنفية.
وهل يقرأ سورة فيها سجدة غير ﴿الم﴾ منع منه ابن عبد السلام، وقال: إنه مبطل للصلاة.
وقال النووي ﵀ في زيادات الروضة: لم أر فيه كلامًا لأصحابنا، وقياس مذهبنا أنه يكره في الصلاة إذا قصده. اهـ.
ومقتضاه عدم البطلان. وفي المهمات، مقتضى كلام القاضي الحسين: الجواز، وفي فوائد المهذّب للفارقيّ: لا تستحب قراءة سجدة غير ﴿تنزيل﴾ فإن ضاق الوقت عن قراءتها قرأ بما أمكن منها، ولو بآية السجدة منها، ووافقه ابن أبي عصرون في كتاب الانتصار. اهـ.
وعند ابن أبي شيبة، بإسناد قوي عن إبراهيم النخعي، أنه قال: يستحب أن يقرأ في صبح الجمعة بسورة فيها سجدة. قال: وسألت محمد بن سيرين عنه فقال: لا أعلم به بأسًا.
ورواة حديث الباب ما بين كوفي ومدني، وفيه رواية التابعي عن التابعي، والتحديث، والعنعنة، وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة في الصلاة.