وقال في الفتح: والذي يظهر أن المكتوب عين المسموع، وهو الأمر والحديث معًا.
ثم استدل ابن شهاب على أمره رزيق بن حكيم بالجمعة، حال كونه (يخبره) أي: رزيقًا في كتابه إليه، والجملة حالية من الضمير المرفوع فهي متداخلة والحالان السابقان، أعني: وأنا أسمع، ويأمره، مترادفان (أن سالمًا حدّثه أن) أباه (عبد الله بن عمر) بن الخطاب (يقول) ولأبي ذر وابن عساكر عن الكشميهني: قال: (سمعت رسول الله ﷺ حال كونه يقول):
(كلكم راعٍ وكلكم) في الآخرة (مسؤول عن رعيته) ولأبى الوقت: وابن عساكر، والأصيلي: كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته: (الإمام راعٍ) فيمن ولي عليهم، يقيبم فيهم الحدود والأحكام على سنن الشرع.
وهذا موضع الترجمة، لأنه لما كان رزيق عاملاً من جهة الإمام على الطائفة التي ذكرها، فكان عليه أن يراعي حقوقهم، ومن جملتها إقامة الجمعة، فيجب عليه إقامتها وإن كانت في قرية.
فهو راع عليهم (ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله) يوفّيهم حقهم من النفقة والكسوة والعشرة (وهو مسؤول عن رعيته) سقط لفظ: وهو عند الأربعة في رواية الكشميهني (والمرأة راعية في بيت زوجها) بحسن تدبيرها في المعيشة والنصح له، والأمانة في ماله، وحفظ عياله، وأضيافه ونفسها، (ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيده) يحفظه ويقوم بما يستحق من خدمته (ومسؤول عن رعيته).
(قال) ابن عمر، أبو سالم، أو يونس (وحسبت أن قد قال) كلمة: أن، مخففة من الثقيلة، ولأبي ذر والأصيلي عن الكشميهني: أنه قال، أي: النبي ﷺ:
(والرجل راعٍ في مال أبيه) يحفظه ويدبر مصلحته (ومسؤول) وفي رواية أبي ذر والأصيلي: وهو مسؤول (عن رعيته، وكلكم راعٍ) أي: مؤتمن حافظ ملتزم إصلاح ما قام عليه (ومسؤول عن رعيته) ولابن عساكر: "فكلكم راعٍ مسؤول عن رعيته، بالفاء بدل الواو، وإسقاط الواو من: ومسؤول، ولأبي ذر في نسخة: "فكلكم راعٍ". بالفاء، "وكلكم مسؤول"، وكذا للأصيلي، لكنه قال: "بالواو" بدل الفاء.
وفي هذا الحديث من النكت أنه: عمم أوّلاً، ثم خصص ثانيًا. وقسم الخصوصية إلى أقسام: من جهة الرجل، ومن جهة المرأة، ومن جهة الخادم، ومن جهة النسب. ثم عمم ثالثًا وهو قوله: "وكلكم راعٍ" … إلخ … تأكيدًا، وردًّا للعجز إلى الصدر بيانًا لعموم الحكم أوّلاً وآخرًا.
قيل: وفي الحديث: أن الجمعة تقام بغير إذن من السلطان إذا كان في القوم من يقوم بمصالحهم، وهذا مذهب الشافعية إذ إذن السلطان عندهم ليس شرطًا لصحتها، اعتبارًا بسائر الصلوات.