وبالسند قال:(حدّثنا أحمد) غير منسوب، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي، ووافقهما ابن السكن: أحمد بن صالح، أي المصري وليس هو ابن عيسى، وإن جزم به أبو نعيم في مستخرجه، (قال: حدّثنا عبد الله بن وهب) المصري (قال: أخبرني) بالإفراد، ولابن عساكر: أخبرنا (عمرو بن الحرث، عن عبيد الله) بالتصغير (ابن أبي جعفر) القرشي الأموي المصري (أن محمد بن جعفر بن الزبير) بن العوّام القرشي (حدّثه، عن عروة بن الزبير) بن العوام (عن عائشة زوج النبي ﷺ، قالت: كان الناس ينتابون الجمعة) بفتح المثناة التحتية وسكون النون وفتح المثناة الفوقية، يفتعلون من النوبة، أي يحضرونها نوبًا. وفي رواية: يتناوبون، بمثناة تحتية فأخرى فوقية، فنون بفتحات. ولغير أبي ذر وابن عساكر: يوم الجمعة (من منازلهم) القريبة من المدينة (و) من (العوالي) جمع عالية، مواضع وقرى شرقي المدينة، وأدناها من المدينة على أربعة أميال أو ثلاثة، وأبعدها ثمانية. (فيأتون في الغبار)، كذا في الفرع، وهو رواية الأكثرين، وعند القابسي: فيأتون في العباء، بفتح العين المهملة والمد، جمع عباءة (يصبيهم الغبار والعرق، فيخرج منهم العرق، فأتى رسول الله ﷺ إنسان منهم) وللإسماعيلي: أناس منهم (-وهو عندي-) جملة حالية (فقال النبي ﷺ): (لو أنكم تطهرتم)، لو: تختص بالدخول على الفعل، فالتقدير: لو ثبت تطهركم (ليومكم) أي: في يومكم (هذا) لكان حسنًا.
أو: لو، للتمني فلا تحتاج إلى تقدير جواب الشرط المقدّر هنا.
وهذا الحديث كان سببًا لغسل الجمعة، كما في رواية ابن عباس عند أو داود. واستدلّ به على أن الجمعة تجب على من كان خارج المصر، وهو يرد على الكوفيين حيث قالوا بعدم الوجوب.
وأجيب: بأنه لو كان واجبًا على أهل العوالي ما تناوبوا، ولكانوا يحضرون جميعًا. وقال الشافعية: إنما تجب على من يبلغه النداء. وحكاه الترمذي عن أحمد، لحديث: الجمعة على من سمع النداء. رواه أبو داود بإسناد ضعيف، لكن ذكر له البيهقي شاهدًا بإسناد جيد، والمراد به: من سمع نداء بلد الجمعة، فمن كان في قرية لا يلزم أهلها إقامة الجمعة لزمته إن كان بحيث يسمع النداء من صيت على الأرض، من طرف قريته الذي يلي بلد الجمعة مع اعتدال السمع، وهدوّ الأصوات، وسكون الرياح، وليس المراد من الحديث أن الوجوب متعلق بنفس السماع، وإلاّ لسقطت عن الأصم، وإنما هو متعلق بمحل السماع.
وقال المالكية على من بينه وبين النار ثلاثة أميال، أما من هو في البلد، فتجب عليه، ولو كان من المنار على ستة أميال. رواه عليّ عن مالك.