وتقييد الأذان بكونه بعد جلوس الخطيب لأنه الذي كان في عهده ﷺ، كما سيأتي إن شاء الله
تعالى، فانصرف النداء في الآية إليه. أما الأذان الذي عند الزوال، فيجوز البيع عنده مع الكراهة لدخول وقت الوجوب.
لكن، قال الأسنوي: ينبغي أن لا يكره في بلد يؤخرون فيها تأخيرًا كثيرًا، كمكة، لما فيه من الضرر، فلو تبايع مقيم ومسافر أثمًا جميعًا لارتكاب الأول النهي وإعانة الثاني له عليه.
نعم، يستثنى من تحريم البيع ما لو احتاج إلى ماء طهارته، أو إلى ما يواري به عورته، أو يقوته عند اضطراره، ولو باع وهو سائر إليها، وأو في الجامع جاز، لأن المقصود أن لا يتأخر عن السعي إلى الجمعة. لكن يكره البيع ونحوه في المسجد، لأنه ينزّه عن ذلك.
وعند الحنفية يكره البيع مطلقًا ولا يحرم.
(وقال عطاء) هو ابن أبي رباح، مما وصله عبد بن حميد في تفسيره: (تحرم الصناعات كلها) لأنها بمنزلة البيع في الشاغل عن الجمعة.
(وقال إبراهيم بن سعد) بسكون العين، ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف المدني، (عن) ابن شهاب (الزهري: إذا أذن المؤذن يوم الجمعة، وهو مسافر، فعليه) أي: على طريق الاستحباب، (أن يشهد) أي الجمعة.
لكن اختلف على الزهري فيه، فروي عنه هذا، وروي عنه: لا جمعة على مسافر على طريق الوجوب.
قال ابن المنذر: وهو كالإجماع، ويحتمل أن يكون مراده بقوله: فعليه أن يشهد، ما إذا اتفق حضور المسافر في موضع تقام فيها الجمعة فسمع: النداء لها، إلا أنه يلزمه حضورها مطلقًا، حتى يحرم عليه السفر قبل الزوال من البلد الذي يدخله مجتازًا.
وقال المالكية: تجب عليه، إذا أدركه صوت المؤذن قبل مجاوزة الفرسخ.
٩٠٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ قَالَ: أَدْرَكَنِي أَبُو عَبْسٍ وَأَنَا أَذْهَبُ إِلَى الْجُمُعَةِ فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ».
[الحديث ٩٠٧ - طرفه في: ٢٨١١].
وبالسند قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني (قال: حدّثنا الوليد بن مسلم، قال: حدّثنا يزيد ابن أبي مريم) الدمشقي إمام جامعها، قال الزركشي: ووقع في أصل كريمة: بريد، بضم الموحدة وبالراء، وهو: غلط، وللأصيلي ابن أبي مريم الأنصاري: (قال: حدّثنا عباية بن رفاعة) بفتح العين المهملة وتخفيف الموحدة وكسر راء، رفاعة بن خديج الأنصاري (قال: أدركني أبو عبس) بفتح العين