قوله مثل الهجر، والكاف لتشبيه صفة بصفة أخرى (ثم) الثاني (كالذي يهدي بقرة، ثم) الثالث كالذي يهدي (كبشًا، ثم) الرابع كالذي يهدي (دجاجة، ثم) الخامس كالذي يهدي (بيضة).
إنما قدرنا بالثاني لأنه كما قال في المصابيح: لا يصح العطف على الخبر لئلا يقعا معًا خبرًا عن واحد، وهو مستحيل، وحينئذ فهو خبر مبتدأ محذوف مقدّر بما مر، وكذا قوله: ثم كبشًا، لا يكون معطوفًا على بقرة، لأن المعنى يأباه، بل هو معمول فعل محذوف دلّ عليه التقدم، والتقدير كما مر، ثم الثالث: كالذي يهدي كبشًا، وكذا ما بعده.
(فإذا خرج الإمام طوَوْا) أي الملائكة، (صحفهم) التي كتبوا فيها درجات السابقين على من يليهم في الفضيلة، (ويستمعون الذكر) أي الخطبة.
وأتى بصيغة المضارع لاستحضار صورة الحال اعتناءً بهذه المرتبة، وحملاً على الاقتداء بالملائكة. وهذا موضع الاستشهاد على الترجمة.
قال التيمي: في استماع الملائكة حضّ على استماعها والإنصات إليها. وقد ذكر كثير من المفسرين أن قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ [الأعراف: ٢٠٤] ورد في الخطبة، وسميت قرآنًا لاشتمالها عليه، والإنصات: السكوت، والاستماع: شغل السمع بالسماع، فبينهما عموم وخصوص من وجه.
واختلف العلماء في هذه المسألة، فعند الشافعية، يكره الكلام حال الخطبة من ابتدائها لظاهر الآية، وحديث مسلم عن أبي هريرة:"إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة، والإمام يخطب، فقد لغوت".
ولا يحرم، للأحاديث الدالّة على ذلك، كحديث أنس المروي في في الصحيحين: بينما النبي ﷺ
يخطب يوم الجمعة، قام أعرابي، فقال: يا رسول الله، هلك المال، وجاع العيال، فادعُ الله لنا، فرفع يديه ودعا. وحديث أنس أيضًا، المروي بسند صحيح عند البيهقي: أن رجلاً دخل والنبي ﷺ يخطب يوم الجمعة، فقال: متى الساعة؟ فأومأ الناس إليه بالسكوت فلم يقبل، وأعاد الكلام، فقال له النبي ﷺ، في الثالثة:"ما أعددت لها"؟ قال: حبّ الله وحب رسوله. قال:"إنك مع مَن أحببت". وجه الدلالة منه أنه لم ينكر عليه الكلام، ولم يبين له وجه السكوت.
والأمر في الآية للندب، ومعنى: لغوت، تركت الأدب، جمعًا بين الأدلة.
وقال أبو حنيفة: وخروج الإمام قاطع للصلاة والكلام، وأجاز صاحباه إلى كلام الإمام له، قوله ﵊:"إذا خرج الإمام لا صلاة ولا كلام". ولهما، قوله ﵊:"خروج الإمام يقطع الصلاة، وكلامه يقطع الكلام".