للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

﴿وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾. وَقَالَ مُعَاذٌ اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ الْيَقِينُ الإِيمَانُ كُلُّهُ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ التَّقْوَى حَتَّى يَدَعَ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿شَرَعَ لَكُمْ … ﴾ أَوْصَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وَإِيَّاهُ دِينًا وَاحِدًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﴿شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾: سَبِيلاً وَسُنَّةً.

هذا (باب قول النبي ) في الحديث الموصول الآتي تامًّا إن شاء الله تعالى.

(بُنيّ الإسلام على خمس). وفي فرع اليونينية كهي، كتاب الإيمان، وقول النبي . وفي أخرى باب الإيمان وقول النبي، والأول أصح لأن ذكر الإيمان بعد ذكر كتاب الإيمان لا طائل تحته كما لا يخفى، وسقط لفظ باب عند الأصيلي. والإسلام لغة الانقياد والخضوع، ولا يتحقق ذلك إلا بقبول الأحكام والإذعان، وذلك حقيقة التصديق كما سبق، قال الله تعالى: ﴿فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِين﴾ [الذاريات: ٣٥، ٣٦] فالإيمان لا ينفك عن الإسلام حكمًا فهما متحدان في الصدق وإن تغايرا بحسب المفهوم، إذ مفهوم الإيمان تصديق القلب، ومفهوم الإسلام أعمال الجوارح، وبالجملة لا يصح في الشرع أن يحكم على أحد بأنه مؤمن وليس بمسلم أو مسلم وليس بمؤمن، ولا نعني بوحدتهما سوى هذا. ومن أثبت التغاير فقد يقال له ما حكم من آمن ولم يسلم أو أسلم ولم يؤمن، فإن أثبت لأحدهما حكمًا ليس بثابت للآخر فقد ظهر بطلان قوله، فإن قيل قوله تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ [الحجرات: ١٤]. صريح في تحقيق الإسلام بدون الإيمان. أجيب بأن المراد أنهم انقادوا في الظاهر اهـ.

(وهو) أي الإيمان المبوَّب عليه عند المصنف كابن عيينة والثوري وابن جريح ومجاهد ومالك بن أنس وغيرهم من سلف الأمة وخنفها من المتكلمين والمحدثين: (قول) باللسان وهو النطق بالشهادتين. (وفعل)، ولأبي ذر عن الكشميهني وعمل بدل فعل، وهو أعمّ من عمل القلب والجوارح، لتدخل الاعتقادات والعبادات. وهو موافق لقول السلف اعتقاد بالقلب ونطق باللسان وعمل بالأركان. وأرادوا بذلك أن الأعمال شرط كماله. وقال المتأخرون ومنهم الأشعرية وأكثر الأئمة كالقاضي ووافقهم ابن الراوندي من المعتزلة هو تصديق الرسول بما علم مجيئه ضرورة، وتفصيلاً فيما علم تفصيلاً، وإجمالاً فيما علم إجمالاً تصديقًا جازمًا مطلقًا، سواء كان لدليل أم لا، قال الله تعالى: ﴿أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾ [المجادلة: ٢٢]. وقال : "اللهمّ ثبّث قلبي على دينك". وإذا ثبت أنه فعل القلب وجب أن يكون عبارة عن مجرد التصديق، وقد خرج بقيد الضرورة ما لم يعلم بالضرورة أنه جاء به كالاجتهادات، وبالجازم التصديق الظني، فإنه غير كافِ. وقيل هو المعرفة، فقوم بالله وهو مذهب جهم بن صفوان، وقوم بالله وبما جاء به الرسول إجمالاً وهو منقول عن بعض الفقهاء. وقال الحنفية التصديق بالجنان والإقرار

<<  <  ج: ص:  >  >>