والمراد بالذراري: غير المقاتلة (فصارت صفية) بنت حيي، سيد بني قريظة والنضير (لدحية الكلبي) أعطاها له ﵊ قبل القسمة، لأن له صفيّ المغنم يعطيه لمن يشاء (وصارت) أي: فصارت، أو: ثم صارت بعده (لرسول الله ﷺ) استرجعها منه برضاه، أو اشتراها منه، لما جاء: أنه أعطاه عنها سبعة أرؤس، أو: أنه إنما كان أذن له في جارية من حشوا السبي، لا من أفضلهن، فلما رآه أخذ أنفسهن نسبًا وشرفًا وجمالاً استرجعها، لأنه لم يأذن له فيها، ورآى أن في إبقائها مفسدة لتميّزه بها على سائر الجيش، ولما فيه من انتهاكها مع مرتبتها، وربما ترتب على ذلك شقاق، فكان أخذها لنفسه ﷺ قاطعًا لهذه المفاسد، (ثم تزوّجها)﵊(وجعل صداقها عتقها) لأن عتقها كان عندها أعز من الأموال الكثيرة، ولأبي ذر: عتقتها، بزيادة مثناة فوقية بعد القاف.
(فقال عبد العزيز) بن صهيب المذكور (الثابت) البناني: (يا أبا محمد! أنت) بحذف همزة الاستفهام في الفرع واصله، وفي بعض الأصول: أنت، بإثباتها (سألت أنا)، ولأبي ذر: أنس بن مالك: (وما أمهرها)؟ أي: ما أصدقها؟ ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي: ما مهرها؟ بحذف الألف. وصوّبه القطب الحلبي، وهما لغتان.
(قال أمهرها نفسها) بالنصب، أي أعتقها وتزوجها بلا مهر، وهو من خصائصه، (فتبسم).
وموضع الترجمة قوله: صلّى الصبح بغلس، ثم ركب فقال: الله أكبر. وفيه أن التكبير يشرع عند كل أمر مهول، وعندما يسرّ به من ذلك إظهارًا لدين الله تعالى، وظهور أمره، وتنزيهًا له تعالى عن كل ما نسبه إليه أعداؤه، ولا سيما اليهود، قبّحهم الله تعالى.
وقد تقدم هذا الحديث في باب: ما يذكر في الفخذ، وتأتي بقية مباحثه إن شاء الله تعالى في: المغازي، والنكاح.