للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية محمد بن طلحة، عن زبيد، الآتية إن شاء الله تعالى في هذا الحديث بعينه، خرج يوم أضحى، إلى البقيع، فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا بوجهه الشريف وقال: "إن أوّل نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة، ثم نرجع فننحر".

وأوّل عيد صلاّه النبي ، عيد الفطر في السنة الثانية من الهجرة.

وقد اختلف في حكم صلاة العيد بعد إجماع الأمة على مشروعيتها.

فقال أبو حنيفة، : واجبة على الأعيان.

وقال المالكية والشافعية: سُنّة مؤكدة.

وقال أحمد وجماعة: فرض على الكفاية.

واستدل الأوّلون بمواظبته عليها من غير ترك.

واستدلّ إلا المالكية والشافعية بحديث الأعرابي في الصحيحين: هل عليّ غيرها؟ قال: "لا إلاّ أن تطوّع". وحديث: "خمس صلوات كتبهنّ الله في اليوم والليلة". وحملوا ما نقله المزني عن الشافعي: أن من وجب عليه الجمعة وجب عليه حضور العيدين، على التأكيد، فلا إثم ولا قتال بتركها.

واستدلّ الحنابلة بقوله تعالى: ﴿فصل لربك وانحر﴾ وهو يدل على الوجوب.

وحديث الأعرابي يدل على: أنها لا تجب على كل أحد، فتعين أن تكون فرضًا على الكفاية.

وأجيب: بأنا لا نسلّم أن المراد بقوله: فصلّ صلاة العيد، سلّمنا ذلك، لكن ظاهره يقتضي وجوب النحر، وأنتم لا تقولون به، سلّمنا أن المراد من النحر ما هو أعمّ، لكن وجوبه خاصّ به، فيختص وجوب صلاة العيد به، سلّمنا الكل، وهو أن الأمر الأوّل غير خاصّ به، والأمر الثاني خاصّ. لكن لا نسلّم أن الأمر للوجوب. فنحمله على الندب جمعًا بينه وبين الأحاديث الأُخَر، سلّمنا جميع ذلك، لكن صيغة: صلِّ، خاصة به، فإن حملت عليه وأمتّه وجب إدخال الجميع، فلما دلّ الدليل على إخراج بعضهم؛ كما زعمتم، كان ذلك قادحًا في القياس، قاله البساطي.

(ثم نرجع) بالنصب عطفًا على نصلي، وبالرفع خبر مبتدأ محذوف، أي: نحن نرجع (فننحر) بالنصب (فمن فعل) بأن ابتداء بالصلاة، ثم رجع فنحر (فقد أصاب سُنّتنا).

قال الزين بن المنير، فيه إشعار بأن صلاة ذلك اليوم هي الأمر المهم، وإن ما سواها من الخطبة والنحر وغير ذلك من أعمال البرّ يوم العيد، فبطريق التبع، وهذا القدر مشترك بين العيدين، وبذلك تحصل المناسبة بين الحديث والترجمة من حيث أنه قال فيها: العيدين، بالتثنية، مع أنه لا يتعلق إلا بعيد النحر.

<<  <  ج: ص:  >  >>