بأفضل، والضمير عائد إلى العمل، بتقدير الإعمال كما في قوله تعالى ﴿أو الطفل الذين﴾ [النور: ٣١] كذا قرره البرماوي والزركشي.
وتعقبه المحقق ابن الدماميني فقال: هذا غلط، لأن الطفل يطلق على الواحد والجماعة بلفظ واحد، بخلاف العمل، وزاد فخرّجه على أن يكون الضمير عائدًا إلى العمل، باعتبار إرادة القربة مع عدم تأويله بالجمع، أي:
ما القربة في أيام أفضل منها (في هذا العشر) الأول من ذي الحجة. كذا في رواية أبي ذر عن الكشميهني بالتصريح: بالعشر، وكذا عند أحمد، عن غندر، عن شعبة بالإسناد المذكور. بل في رواية أبي داود الطيالسي عن شعبة بلفظ: عشر الحجة.
وممن صرّح بالعشر أيضًا ابن ماجة، وابن حبان، وأبو عوانة.
ولكريمة عن الكشميهني:"ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه". بتأنيث الضمير مع إبهام الأيام. وفسرها بعض الشارحين بأيام التشريق لكون المؤلّف ترجم لها، وهو يقتضي نفي أفضلية العمل في أيام العشر على أيام التشريق.
ووجهه صاحب بهجة النفوس: بأن أيام التشريق أيام غفلة، والعبادة في أوقات الغفلة فاضلة على غيرها، كمن قام في جوف الليل وأكثر الناس نيام، وبأنه وقع فيها محنة الخليل بولده عليهما الصلاة والسلام، ثم منّ عليه بالفداء.
وهو معارض بالنقول كما قاله في الفتح: فالعمل في أيام العشر أفضل من العمل في غيرها من أيام الدنيا من غير استثناء شيء. وعلى هذا فرواية كريمة شاذة لمخالفتها رواية أبي ذر، وهو من الحفاظ عن شيخهما الكشميهني، لكن يعكر عليه ترجمة المؤلّف: بأيام التشريق.
وأجيب: باشتراكهما في أصل الفضيلة لوقوع أعمال الحج فيهما، ومن ثم اشتركا في مشروعية التكبير.
وفي رواية أبي الوقت، والأصيلي وابن عساكر:"ما العمل في أيام أفضل منها في هذه". بتأنيث الضمير، وهي ظرف مستقر، حال من الضمير المجرور "بمن" وإذا كان العمل في أيام العشر أفضل من العمل في أيام غيره من السنة، لزم منه أن تكون أيام العشر أفضل من غيرها من أيام السنة، حتى يوم الجمعة منه أفضل منه في غيره، لجمعه الفضيلتين.
وخرج البزار وغيره، عن جابر مرفوعًا:"أفضل أيام الدنيا أيام العشر". وفي حديث عند ابن عمر المروي "ليس يوم أعظم عند الله من يوم الجمعة، ليس العشر". وهو يدل على أن أيام العشر أفضل من يوم الجمعة الذي هو أفضل الأيام، وأيضًا فأيام العشر تشتمل على يوم عرفة وقد روي: أنه أفضل أيام الدنيا، والأيام إذا أطلقت دخلت فيها الليالي تبعًا، وقد أقسم الله تعالى بها، فقال: