مسعود، ﵁(فقال: وإن النبي، ﷺ، لما رأى من الناس) أي: قريش (إدبارًا) عن الإسلام (قال):
(اللهم) ابعث، أو سلط عليهم (سبعًا) من السنين. ولغير أبوي ذر، والوقت، والأصيلي: سبع، بالرفع. خبر مبتدأ محذوف، أي: مطلوبي منك فيهم سبع (كسبع يوسف) التي أصابهم فيها القحط.
(فأخذتهم) أي: قريشًا (سنة) أي قحط وجدب (حصت) بالحاء والصاد المشددة الممهملتين، أي: استأصلت وأذهبت (كل شيء) من النبات (حتى أكلوا)، ولأبي ذر، والأصيلي عن الكشميهني: حتى أكلنا (الجلود والميتة والجيف) بكسر الجيم وفتح المثناة التحتية، جثة الميت إذا أراح، فهو أخص من مطلق الميتة لأنها ما لم تذك (وينظر أحدهم) بالهاء ونصب الفعل بحتى، أو برفعه على الاستئناف. والأول أظهر، والثاني في نسخة أبي ذر، وأبي الوقت، كما نبه عليه في اليونينية. ولأبي ذر، عن الحموي والمستملي: وينظر يحدكم (إلى السماء فيرى الدخان من الجوع) لأن الجائع يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان من ضعف بصره.
(فأتاه)﵊(أبو سفيان) صخر بن حرب (فقال: يا محمد، إنك تأمر بطاعة الله، وبصلة الرحم، وإن قومك) ذوي رحمك (قد هلكوا) أي: من الجدب والجوع بدعائك (فادع الله لهم). لم يقع في هذا السياق التصريح بأنه دعا لهم.
نعم، وقع ذلك في سورة الدخان، ولفظه: فاستسقى لهم فسقوا (قال الله تعالى ﴿فارتقب﴾) أي: انتظر يا محمد عذابهم (﴿يوم تأتي السماء بدخان مبين -إلى قوله- عائدون﴾)[الدخان: ١٠ - ١٥] أي إلى الكفر. ولأبي ذر، والأصيلي: إنكم عائدون (﴿يوم نبطش البطشة الكبرى﴾) زاد الأصيلي: ﴿إنّا منتقمون﴾ [الدخان: ١٦].
(فالبطشة) بالفاء، ولأبي ذر، والأصيلي: والبطشة (يوم بدر) لأنهم ما التجؤوا إليه ﵊، وقالوا: ادع الله أن يكشف عنّا فنؤمن لك، فدعا وكشف، ولم يؤمنوا انتقم الله منهم يوم بدر. وعن الحسن: البطشة الكبرى يوم القيامة.
قال ابن مسعود:(وقد) ولأبوي ذر، والوقت، وابن عساكر: فقد (مضت الدخان) وهو الجوع (والبطشة، واللزام) بكسر اللام وبالزاي القتل (وآية) أول سورة (الروم).
قإن قلت: ما وجه إدخال هذه الترجمة في الاستسقاء؟.
أجيب: بأنه للتنبيه على أنه كما شرع الدعاء بالاستسقاء للمؤمنين، كذلك شرع الدعاء بالقحط على الكافرين، لأن فيه إضعافهم، وهو نفع للمسلمين. فقد ظهر من ثمرة ذلك التجاؤهم إلى النبي، ﷺ، ليدعو لهم برفعه القحط.