للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو قول أبي طالب).

ومطابقة هذا التعليق للترجمة من قوله: يستسقي، ولم يكن استسقاؤه إلا عن سؤال.

والظاهر أن طريق ابن عمر الأولى مختصرة من هذه المعلقة المصرحة بمباشرته للاستسقاء بنفسه الشريفة.

وأصرح من ذلك رواية البيهقي في دلائله، عن أنس، قال، جاء أعرابي إلى النبي ، فقال: يا رسول الله، أتيناك وما لنا بعير يئط، ولا صبي يغط. فقام يجر رداءه.

حتى صعد المنبر، فقال: "اللهم أسقنا .. الحديث" وفيه، ثم قال، : "لو كان أبو طالب حيًا لقرّت عيناه". من ينشدنا قوله؟ فقام عليّ فقال: يا رسول الله! كأنك أردت قوله:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه … ثمال اليتامى عصمة للأرامل

واقتصر ابن عساكر في روايته على قوله:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه.

وأسقط باقيه اكتفاء بالسابق. وقدّم قوله: وهو قول أبي طالب، على قوله: وأبيض، بعد قوله: كل ميزاب. وسقط قوله: وهو عند أبوي ذر والوقت.

وهذا البيت من قصيدة جليلة بليغة من بحر الطويل، وعدّة أبياتها مائة بيت وعشرة أبيات، قالها لما تمالأ قريش على النبي ، ونفروا عنه من يريد الإسلام.

فإن قلت: كيف قال أبو طالب: يستسقى الغمام بوجهه؟ ولم يره قط استسقى وإنما كان بعد الهجرة؟.

فالجواب: أنه أشار إلى ما أخرجه ابن عساكر، عن جلهمة بن عرفطة، قال: قدمت مكة وهم في قحط، فقالت قريش: يا أبا طالب! أقحط الوادي، وأجدب العيال، فهلم فاستسق. فخرج أبو طالب معه غلام يعني: النبي ، كأنه شمس دجن تجلت عن سحابة قتماء، وحوله أغيلمة، فأخذه أبو طالب، فألصق ظهره بالكعبة، ولاذ الغلام، وما في السماء قزعة، فأقبل السحاب من ههنا وههنا، وأغدق واغدودق، وانفجر له الوادي وأخصب النادي والبادي، وفي ذلك يقول أبو طالب:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه.

فإن قلت: قد تكلم في عمر بن حمزة، وفي عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار السابق في الطريق الموصولة، فكيف احتج المؤلّف بهما؟

<<  <  ج: ص:  >  >>