وبه قال:(حدّثنا آدم) بن أبي إياس (قال: حدّثنا ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن (عن) ابن شهاب (الزهري، عن عباد بن تميم، عن عمه) عبد الله بن زيد، ﵁(قال):
(رأيت النبي،ﷺ، يوم خرج) بالناس إلى المصلّى (يستسقي) لهم (قال: فحول إلى الناس ظهره) عند إرادة الدعاء بعد فراغه من الموعظة، فالتفت بجانبه الأيمن لأنه كان يعجبه التيامن في شأنه كله.
استشكل قوله: فحوّل إلى الناس ظهره، لأن الترجمة لكيفية التحويل. والحديث دل على وقوع التحويل فقط. وأجاب الكرماني: بأن معناه حوله حال كونه داعيًا، وحمل الزين ابن المنير قوله: كيف؟ على الاستفهام، فقال لما كان التحويل المذكور لم يتبين كونه في ناحية اليمين أو اليسار، احتاج إلى الاستفهام. اهـ. منه.
(واستقبل القبلة) حال كونه (يدعو، ثم حول رداءه) ظاهره: أن الاستقبال وقع سابقًا لتحويل الرداء، وهو ظاهر كلام الشافعي. ووقع في كلام كثير من الشافعية أنه يحول حال الاستقبال.
والفرق بين تحويل الظهر، والاستقبال، أنه ابتداء التحويل وأوسطه يكون منحرفًا حتى يبلغ الانحراف غايته، فيصير مستقبلاً. قاله في الفتح.
(ثم صلّى لنا ركعتين) حال كونه (جهر فيهما بالقراءة). واستدلّ ابن بطال من التعبير: بثم، في قوله: ثم حول رداءه، أن الخطبة قبل الصلاة، لأن ثم للترتيب.
وأجيب: بأنه معارض بقوله في حديث الباب التالي استسقى فصلّى ركعتين وقلب رداءه، لأنه اتفق على أن قلب الرداء إنما يكون في الخطبة.
وتعقب: بأنه لا دلالة فيه على تقديم الصلاة لاحتمال أن تكون الواو في: وقلب، للحال أو: للعطف، ولا ترتيب فيه.
نعم، في سنن أبي داود، بإسناد صحيح: أنه ﷺ خطب ثم صلّى، ويدل له ما وقع في حديث
الباب، فلو قدم الخطبة جاز كما نقله في الروضة عن صاحب التتمة، لكنه في حقنا أفضل، لأن رواية تأخير الخطبة أكثر رواة، ومعتضدة بالقياس على خطبة العيد والكسوف.
وعن الشيخ أبي حامد مما نقله في المجموع عن أصحابنا تقديم الخطبة للحديث، يعني: حديث الباب السابق، وغيره (. . . . . . . . . .)(١). الجواز في بعض المواضع.