وللنسائي: من العجلة (حتى دخل المسجد، فدخلنا) معه، (فصلّى بنا ركعتين) زاد النسائي كما تصلون.
واستدلّ به الحنفية على أنها كصلاة النافلة، وأيّده صاحب عمدة القاري، منهم، بحديث ابن مسعود عند ابن خزيمة في صحيحه، وابن سمرة عبد الرحمن عند مسلم، والنسائي، وسمرة بن جندب عند أصحاب السنن الأربعة، وعبد الله بن عمرو بن العاص عند الطحاوي، وصححه الحاكم وغيرهم، وكلهم مصرحة بأنها ركعتان.
وحمله ابن حبان والبيهقي، من الشافعية، على أن المعنى: كما كانوا يصلون في الكسوف، لأن أبا بكرة خاطب بذلك أهل البصرة، وقد كان ابن عباس علمهم أنها ركعتان، في كل ركعة ركوعان، كما روى ذلك الشافعي وابن أبي شيبة وغيرهما.
ويؤيد ذلك: أن في رواية عبد الوارث عن يونس، الآتية في أواخر الكسوف، أن ذلك وقع يوم مات إبراهيم ابن النبي، ﷺ، وقد ثبت في حديث جابر عند مسلم مثله، وقال فيه: إن في كل ركعة ركوعين، فدلّ ذلك على اتحاد القصة. وظهر أن رواية أبي بكرة مطلقة.
وفي رواية جابر زيادة بيان في صفة الركوع والأخذ بها أولى، ووقع في أكثر الطرق، عن عائشة أيضًا: أن في كل ركعة ركوعين. قاله في فتح الباري؛ وتعقبه العيني بأن حمل ابن حبان والبيهقي على أن المعنى: كما يصلون في الكسوف، بعيد وظاهر الكلام يرده، وبأن حديث أبي بكرة، عن الذي شاهده من صلاة النبي، ﷺ، وليس فيه خطاب أصلاً، ولئن سلمنا أنه خاطب بذلك من الخارج، فليس معناه كما حمله ابن حبان والبيهقي، لأن المعنى: كما كانت عادتكم فيما إذا صليتم ركعتين بركوعين وأربع سجدات. على ما تقرر من شأن الصلاة.
نعم، مقتضى كلام أصحابنا الشافعية كما في المجموع، أنه: لو صلاها كسنة الظهر صحت، وكان تاركًا فضل، أخذًا من حديث قبيصة: أنه ﷺ صلاها بالمدينة ركعتين؟ وحديث النعمان: أنه ﷺ جعل يصلّي ركعتين ركعتين ويسأل عنها حتى انجلت، رواهما أبو داود، وغيره، بإسنادين صحيحين.
وكأنهم لم ينظروا إلى احتمال أنه صلاها ركعتين بزيادة ركوع في كل ركعة، كما في حديث عائشة وجابر وابن عباس وغيرهم، حملاً للمطلق على المقيد، لأنه خلاف الظاهر، وفيه نظر، فإن الشافعي لما نقل ذلك قال: يحمل المطلق على المقيد، وفد نقله عنه البيهقي في المعرفة، وقال: الأحاديث على بيان الجواز، ثم قال: وذهب جماعة من أئمة الحديث، منهم ابن المنذر، إلى تصحيح الروايات في عدد الركعات، وحملوها على أنه صلاها مرات، وأن الجميع جائز. والذي ذهب إليه الشافعي ثم البخاري، من ترجيح أخبار الركوعين، بأنها أشهر وأصح، وأولى لما مر من أن الواقعة واحدة. اهـ.