وبالسند قال:(حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بفتح اللام، القعنبي (عن مالك) إمام الأئمة، الأصبحي (عن يحيى بن سعيد) القطان (عن عمرة) بفتح العين وسكون الميم (بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة، الأنصارية المدنية (عن عائشة زوج النبي ﷺ)﵂.
(أن) امرأة (يهودية) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمها، (جاءت تسألها) عطية (فقالت لها: أعاذك الله) أي: أجارك (من عذاب القبر، فسألت عائشة ﵂ رسول الله ﷺ) مستفهمة منه عن قول اليهودية ذلك، لكونها لم تعلمه قبل:(أيعذب الناس في قبورهم؟) بضم الياء بعد همزة الاستفهام، وفتح الذال المعجمة المشدّدة (فقال رسول الله ﷺ: عائذًا بالله) على وزن فاعل، وهو من الصفات القائمة مقام المصدر، وناصبه محذوف أي يعود عياذًا به، كقولهم: عوفي عافية، أو منصوب على الحال المؤكدة، النائبة مناب المصدر، والعامل فيه محذوف أي: أعوذ حال كوني عائذًا بالله (من ذلك) أي من عذاب القبر.
وفي رواية مسروق عن عائشة عند المؤلّف في الجنائز فسألت عائشة ﵂ رسول الله، ﷺ، عن عذاب القبر، فقال:"نعم عذاب القبر حق". قالت عائشة: فما رأيت رسول الله ﷺ بعد صلّى صلاة إلا تعوّذ من عذاب القبر.
ومناسبة التعوّذ عند الكسوف، أن ظلمة النهار بالكسوف، تشابه ظلمة القبر، وإن كان نهارًا والشيء بالشيء يذكر، فيخاف من هذا كما يخاف من هذا، فيحصل الاتعاظ بهذا في التمسك بما ينجي من غائلة الآخرة. قاله ابن المنير في الحاشية.
فإن قلت: هل كان ﵊ يعلم ذلك ولا يتعوّذ؟ أو كان يعوذّ ولم تشعر به عائشة؟ أو سمع ذلك عن اليهودية فتعوّذ؟.
أجاب التوربشتي: بأن الطحاوي نقل: أنه، ﵊، سمع اليهودية بذلك، فارتاع ثم أوحي إليه بعد ذلك بفتنة القبر، أو: أنه ﵊، لما رأى استغراب عائشة حين سمعت ذلك من اليهودية، وسألته عنه، أعلن به بعد ما كان يسر، ليرسخ ذلك في عقائد أمته، ويكونوا منه على خيفة. اهـ.