وفي المغازي: من طريق عثمان بن عبد الله بن سراقة، عن جابر: أن ذلك كان في غزوة أنمار، وكانت أرضهم قبل الشرق لمن يخرج من المدينة، فتكون القبلة على يسار القاصد إليهم.
١٠٩٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: "كَانَ ابْنُ عُمَرَ ﵄ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ وَيُوتِرُ عَلَيْهَا. وَيُخْبِرُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَفْعَلُهُ".
وبه قال: (حدّثنا عبد الأعلى بن حماد) النرسي الباهلي البصري (قال: حدّثنا وهيب) بضم الواو وفتح الهاء، ابن خالد البصري (قال: حدّثنا موسى بن عقبة) بن أبي عياش الأسدي (عن نافع قال):
(كان ابن عمر، ﵄، يصلّي على راحلته) في السفر (ويوتر) أي: يصلّي (عليها) الوتر (ويخبر) ابن عمر (أن النبي ﷺ، كان يفعله) أي ما ذكر.
لكن يشكل صلاته ﵊ الوتر على الراحلة مع كونه واجبًا عليه.
وأجيب: بأن من خصائصه فعله عليها كما في شرح المهذّب.
فإن قلت: ما الجمع بين ما رواه أحمد بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير: أن ابن عمر كان يصلّي على الراحلة تطوعًا، فإذا أراد أن يوتر نزل فأوتر على الأرض، وبين قوله في حديث الباب: ويوتر على الراحلة.
أجيب: بأنه محمول على أنه فعل كلاًّ من الأمرين.
ويؤيد رواية الباب ما سبق في أبواب الوتر، أنه أنكر على سعيد بن يسار نزوله على الأرض ليوتر، وإنما أنكره عليه مع كونه كان يفعله لأنه أراد أن يبين له أن النزول ليس بحتم، ويحتمل أن ينزل فعل ابن عمر على حالين: فحيث أوتر على الراحلة كان مجدًا في السير، وحيث نزل فأوتر على الأرض كان بخلاف ذلك، قاله في فتح الباري.
وفي الحديث: جواز الوتر كغيره من النوافل على الراحلة، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد، ولو صلّى منذورة أو جنازة على الراحلة لم يجز لسلوكهم بالأولى مسلك واجب الشرع، ولأن الركن الأعظم في الثانية القيام، وفعلها على الدابة السائرة يمحو صورته، ولو فرض إتمامه عليها، فكذلك كما اقتضاه كلامهم لأن الرخصة في النفل إنما كانت لكثرته وتكراره، وهذه زيادة.
وصرح الإمام بالجواز، وصوّبه الأسنوي، قال: وكلام الرافعي يقتضيه، وقيس بالراكب الماشي، ولا يشترط طول السفر، فيجوز في القصير.
قال الشيخ أبو حامد وغيره: مثل أن يخرج إلى ضيعة مسيرتها ميل أو نحوه، لكن خصه مالك بالسفر الذي تقصر فيه الصلاة، وحجته أن هذه الأحاديث إنما وردت في أسفاره عليه الصلاة