وليس مراد عائشة أنه كان يترك العمل أصلاً، وقد فرضه الله عليه أو ندبه، بل المراد ترك أمرهم أن يعملوه معه، بدليل ما في الحديث الآتي: أنهم لما اجتمعوا إليه في الليلة الثالثة، أو الرابعة، ليصلوا معه التهجد لم يخرج إليهم، ولا ريب أنه صلّى حزبه تلك الليلة.
(وما سبح) وما تنفل (رسول الله ﷺ سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها) أي: لأصليها. وللكشميهني والأصيلي: وإني لأستحبها من الاستحباب.
وذكر هذه الرواية العيني، ولم يعزها، والبرماوي والدماميني عن الموطأ، وهذا من عائشة إخبار بما رأت.
وقد ثبت: أنه ﷺ صلاها يوم الفتح، وأوصى بها أبوي ذر، وهريرة، بل عدها العلماء من الواجبات الخاصة به.
ووجه مطابقة هذا الحديث للترجمة من قول عائشة:"إن كان ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به". لأن كل شيء أحبه استلزم التحريض عليه لولا ما عارضه من خشية الافتراض.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) الإمام (عن ابن شهاب) الزهري (عن عروة بن الزبير) بن العوام (عن عائشة أم المؤمنين، ﵂):
(أن رسول الله ﷺ، صلّى) صلاة الليل (ذات ليلة) أي: في ليلة من ليالي رمضان (في المسجد، فصلّى بصلاته ناس، ثم صلّى من) الليلة (القابلة) أي: الثانية. وللمستملي: ثم صلّى من القابل، أي: من الوقت القابل (فكثر الناس. ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله ﷺ).
زاد أحمد في رواية ابن جريج: حتى سمعت ناسًا منهم يقولون الصلاة. والشك ثابت في رواية مالك.
ولمسلم من رواية يونس، عن ابن شهاب، فخرج رسول الله ﷺ، في الليلة الثانية فصلوا معه، فأصبح الناس يذكرون ذلك، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله.