للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَسَبَتْ قُلُوبُكُم﴾ [البقرة: ٢٢٥] أي عزمت عليه، ومفهومه المؤاخذة بما يستقر من فعل القلب وهو ما عليه المعظم.

فإن قلت: يعارضه قوله (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدّثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل) أجيب بأنه محمول على ما إذا لم يستقر لأنه يمكن الانفكاك عنه بخلاف ما يستقر.

٢٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا أَمَرَهُمْ أَمَرَهُمْ مِنَ الأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ قَالُوا: إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. فَيَغْضَبُ حَتَّى يُعْرَفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ يَقُولُ «إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا».

وبالسند إلى المؤلف قال: (حدّثنا محمد بن سلام) هو بالتخفيف والتشديد كما في فرع اليونينية كهي عن الأصيلي، وصحح الحافظ ابن حجر التخفيف، قال العيني: وبه قطع الجمهور كالخطيب وابن ماكولا، وقول صاحب المطالع إن التشديد عليه الأكثر حمله النووي على أكثر المشايخ فقال: وإنما الذي عليه أكثر العلماء التخفيف قال: وقد روى عنه ذلك نفسه وهو أخبر بأبيه وهو يشير إلى ما رواه سهل بن المتوكل عنه أنه قال: أنا محمد بن سلام بالتخفيف، وقد صنف المنذري جزءًا في ترجيح التشديد، ولكن المعتمد خلافه، حتى قال بعض الحفاظ فيما نقله العيني إن التشديد لحن انتهى. واسم أبيه الفرج السلميّ البخاري زاد في رواية كريمة مما ليس في الفرع وأصله البيكندي بموحدة مكسورة ثم مثناة تحتية ساكنة ثم كاف مفتوحة ثم نون ساكنة نسبة إلى بيكند بلدة على مرحلة من بخارى. وتوفي محمد بن سلام هذا سنة خمس وعشرين ومائتين وهو مما انفرد به البخاري عن الكتب الستة، (قال: أخبرنا) وللأصيلي حدّثنا (عبدة) بسكون الموحدة، قيل هو لقبه واسمه عبد الرحمن بن سليمان بن حاجب الكلابي الكوفي المتوفى بها في جمادى أو رجب سنة سبع أو ثمان وثمانين ومائة، (عن هشام) هو ابن عروة. (عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام، (عن عائشة) أم المؤمنين أنها (قالت):

(كان رسول الله إذا أمرهم) أي أمر الناس بعمل، (أمرهم من الأعمال بما) وفي رواية أبي الوقت ما (يطيقون) أي يطيقون الدوام عليه، فخير العمل ما دام عليه صاحبه وإن قلّ، ولا يخفى أن الكثرة تؤدي إلى القطع، والقاطع في صورة ناقض العهد، فأمرهم الثانية جواب أوّل للشرط والثاني قوله (قالوا إنّا لسنا كهيئتك) بفتح الهاء، قال الكرماني والهيئة الحالة والصورة، وليس المراد نفي تشبيه ذواتهم بحالته ، فلا بدّ من تأويل في أحد الطرفين، فقيل المراد من هيئتك كمثلك أي كذاتك أو كنفسك، وزيد لفظ الهيئة للتأكيد نحو مثلك لا يبخل أو من لسنا أي ليس حالنا كحالك، فحذف الحال وأقيم المضاف إليه مقامه فاتصل الفعل بالضمير فقيل لسنا كهيئتك (يا رسول الله إن الله) تعالى (قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر) أي منه، والمعنى والله أعلم أي

<<  <  ج: ص:  >  >>