وقد اختلف: هل الأفضل في صلاة النفل كثرة الركوع والسجود؟ أو طول القيام؟ فقال بكل قومٌ.
فأما القائلون بالأول، فتمسكوا بنحو حديث ثوبان، عند مسلم: "أفضل الأعمال كثرة الركوع والسجود".
وتمسك القائلون بالثاني بحديث مسلم أيضًا: "أفضل الصلاة طول القنوت".
والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال.
ورواة هذا الحديث ما بين: بصري وواسطي وكوفي، وفيه: التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه مسلم وابن ماجة في: الصلاة، والترمذي في: الشمائل.
١١٣٦ - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ ﵁ "أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا قَامَ لِلتَّهَجُّدِ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ".
وبه قال: (حدّثنا حفص بن عمر) بضم العين الحوضي (قال: حدّثنا خالد بن عبد الله) بن عبد الرحمن الطحان (عن حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين، ابن عبد الرحمن السلمي (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن حذيفة) بن اليمان (﵁):
(أن النبي ﷺ كان إذا قام للتهجد) أي: قام لعادته (من الليل، يشوص) بشين معجمة وصاد مهملة، أي: يدلك (فاه بالسواك).
استشكل ابن بطال هذا الحديث، حتى عدّ ذكره هنا غلطًا من ناسخ، أو: أن المؤلّف اخترمته المنية قبل تنقيحه.
وأجيب: باحتمال أنه أراد حديث حذيفة في مسلم: أنه ﷺ قرأ البقرة والنساء وآل عمران في ركعة، لكن لم يذكره لأنه ليس على شرطه، وأن رواية شوصه بالسواك هي ليلة صلّى فيها، فحكى البخاري بعضه تنبيهًا على بقيته، أو تنبيهًا بأحد حديثي حذيفة على الآخر.
وقال ابن المنير: يحتمل عندي أن يكون أشار إلى معنى الترجمة من جهة أن استعمال السواك حينئذ يدل على ما يناسبه من كمال الهيئة والتأهب للعبادة، وأخذ النفس حينئذ بما تؤخذ به في النهار، وكان ليله ﵊ نهار، وهو دليل طول القيام فيه.
ويدفع أيضًا وهم من لعله يتوهم أن القيام كان خفيفًا بما ورد من حديث ابن عباس: فتوضأ وضوءًا خفيفًا. وابن عباس إنما أراد وضوءًا رشيقًا مع كمال وإسباغ يدل على كماله. اهـ.
وتعقبه في المصابيح فقال: أطال الخطابة ولم يكشف الخطب، والحق أحق أن يتبع. اهـ.
وقال ابن رشيد: إنما أدخله لقوله: إذا قام للتهجد، أي: إذا قام لعادته.