للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الظاهر أن رواية المستملي أصوب لأنها جملة اسمية والخبر فيها اسم (ثلاث عقد) نصب مفعول يعقد، وعقد بضم العين وفتح القاف، جمع عقدة (يضرب) بيده (كل عقدة) منها ولأبي ذر: على مكان كل عقدة، وللأصيلي وأبي ذر، عن الكشميهني: عند مكان كل عقدة، تأكيدًا وأحكامًا لما يفعله قائلاً: باق (عليك ليل طويل) أو: عليك ليل مبتدأ، أو خبر مقدم. فليل رفع على الابتداء أي: باق عليك، أو إضمار فعل أي: بقي عليك (فارقد).

كأن الفاء رابطة شرط مقدر، أي: وإذا كان كذلك، فارقد ولا تعجل بالقيام، ففي الوقت متسع.

وهل هذا العقد حقيقة فيكون من باب عقد السواحر ﴿النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ [الفلق: ٤] وذلك بأن يأخذن خيطًا، فيعقدن عليه منه عقدة، ويتكلمن عليه بالسحر، فيتأثر المسحور حينئذ بمرض أو تحريك قلب أو نحوه، وعلى هذا فالمعقود شيء عند قافية الرأس لا قافية الرأس نفسها.

وهل العقد في شعر الرأس أو غيره؟ الأقرب أنه في غيره، لأنه ليس لكل أحد شعر، وفي رواية ابن ماجة على قافية رأس أحدكم حبل فيه ثلاث عقد، ولأحمد: إذا نام أحدكم عقد على رأسه بجرير، وهو بفتح الجيم: الحبل.

وقيل العقد مجاز كأنه شبه فعل الشيطان بالنائم بفعل الساحر بالسحور، فلما كان الساحر يمنع بعقده ذلك تصرف من يحاول عقده، كان هذا مثله من الشيطان للنائم، وقيل: معنى يضرب، يحجب الحس عن النائم حتى لا يستيقظ، ومنه قوله تعالى: ﴿فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ﴾ [الكهف: ١١] أي: حجبنا الحس أن يلج في آذانهم، فينتبهوا. فالمراد تثقيله في النوم وإطالته، فكأنه قد شد عليه شداد، أو عقد عليه ثلاث عقد.

والتقييد بالثلاث: إما للتأكيد، وأن الذي ينحل به عقده ثلاثة: الذكر، والوضوء، والصلاة.

كما أشار إليه بقوله:

(فإن استيقظ) من نومه (فذكر الله) بكل ما صدق عليه الذكر، كتلاوة القرآن، وقراءة الحديث، والاشتغال بالعلم الشرعي (انحلت عقدة) واحدة من الثلاث (فإن توضأ انحلت عقدة) أخرى ثانية (فإن صلّى) الفريضة أو النافلة (انحلت عقدة) الثلاث كلها.

وظاهره: أن العقد كلها تنحل بالصلاة، وهو خاصة، كذلك، في حق من لم يحتج إلى الطهارة، كمن نام متمكنًا مثلاً ثم انتبه فصلّى من قبل أن يذكر أو يتطهر، لأن الصلاة تستلزم الطهارة، وتتضمن الذكر.

وقوله: عقده، ضبطها في اليونينية بلفظ الجمع والإفراد، كما ترى قال ابن قرقول في مطالعه، كعياض في مشارقه: اختلف في الآخرة منها فقط، فوقع في الموطأ لابن وضاح

<<  <  ج: ص:  >  >>