للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢١ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ أَحَبَّ عَبْدًا لَا يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَمَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ».

وبالسند إلى البخاري قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) بفتح المهملة وسكون الراء آخره موحدة ابن بجيل بفتح الموحدة وكسر الجيم وسكون المثناة التحتية آخره لام الأزدي الواشحي بكسر الشين المعجمة والحاء المهملة نسبة إلى بطن من الأزد، البصري قاضي مكة المتوفى بالبصرة سنة أربع وعشرين ومائتين، (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن قتادة) بن دعامة (عن أنس) وللأصيلي زيادة ابن مالك كما في فرع اليونينية كهي ( عن النبي قال): خصال.

(ثلاث) أو ثالث خصال، فعلى الأول ثلاث صفة لمحذوف، وعلى الثاني مبتدأ، وسوّغ الابتدائية إضافته إلى الخصال والجملة اللاحقة خبره، وهي (من كن فيه وجد) أي أصاب (حلاوة الإيمان) باستلذاذه الطاعات فيحتمل في أمر الدين المشقات ويؤثر ذلك على أعراض الدنيا الفانية، وهل هذه الحلاوة محسوسة أو معنوية، قال بكل قوم: ويشهد للأوّل قول بلال: أحد أحد، حين عذب في الله إكراهًا على الكفر، فمزج مرارة العذاب بحلاوة الإيمان، وعند موته أهله يقولون واكرباه وهو يقول واطرباه غدًا ألقى الأحبة محمدًا وصحبه، فمزج مرارة الموت بحلاوة اللقاء وهي حلاوة الإيمان، فالقلب السليم من أمراض الغفلة والهوى يذوق طعم الإيمان ويتنعم به كما يذوق الفم طعم العسل وغيره من ملذوذات الأطعمة ويتنعم بها، ولا يذوق ذلك ويتنعم به إلا (من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) من نفس وولد ووالد وأهل ومال وكل شيء، ومن ثم قال مما ولم يقل ممن ليعمّ من يعقل ومن لم يعقل. (و) كذلك يجد هذه الحلاوة (من أحب عبدًا) وفي الرواية السابقة في باب حلاوة الإيمان أن يحب المرء (لاّ يحبه إلا لله) زاد في رواية أبي ذر ﷿ كما في فرع اليونينية، (و) كذا (من يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله) أي خلصه الله ونجاه، زاد في رواية ابن عساكر منه (كما يكره أن يلقى في النار)، وفي الرواية السابقة، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار. ومن علامات هذه المحبة نصر دين الإسلام بالقول والفعل والذبّ عن الشريعة المقدسة والتخلّق بأخلاق الرسول في الجود والإيثار والحلم والصبر والتواضع وغير ذلك مما ذكرته في أخلاقه العظيمة في كتاب المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، فمن جاهد نفسه على ذلك وجد حلاوة الإيمان، ومن وجدها استلذ الطاعات وتحمل في الدين المشقات، بل ربما يلتذ بكثير من المؤلمات، ولذلك تقرير طويل، فلينظر في كتاب المواهب، والله يهب لمن يشاء ما يشاء. وأنت إذا تأملت الاختلاف بين رواة حديث هذا الباب والسابق ظهر لك بما نبّهت عليه هنا مع النظر في الإسنادين والمتن أنه لا تكرير في سياقه له هنا لا سيما والحديث مشتمل

<<  <  ج: ص:  >  >>