(ومسجد الرسول) محمد (ﷺ) بطيبة عبر به دون مسجدى، للتعظيم أو هو من تصرف الرواة.
وروى أحمد بإسناد رواته الصحيح، من حديث أنس رفعه:"من صلّى في مسجدي أربعين صلاة لا تفوته صلاة، كتبت له براءة من النار، وبراءة من العذاب، وبراءة من النفاق".
(ومسجد الأقصى): بيت المقدس، وهو من إضافة الموصوف إلى الصفة عند الكوفيين، والبصريون يؤولونه بإضمار المكان أي و: مسجد المكان الأقصى. وسمي به لبعده عن مسجد مكة في المسافة، أو لأنه لم يكن وراءه مسجد.
وقد بطل بما مر من التقدير: بلا تشد الرحال إلى مسجد للصلاة فيه، المعتضد بحديث أبي سعيد، المروي في مسند أحمد، بإسناد حسن مرفوعًا: لا ينبغى للمطي أن تشد رحاله إلى مسجد تبتغى فيه الصلاة، غير المسجد الحرام، والأقصى ومسجدي.
هذا قول ابن تيمية. حيث منع من زيارة النبي، ﷺ، وهو من أبشع المسائل المنقولة عنه.
وقد أجاب عنه المحققون من أصحابه أنه كره اللفظ أدبًا، لا أصل الزيارة، فإنها من أفضل الأعمال، وأجل القرب الموصلة إلى ذي الجلال، وأن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع. اهـ.
فشد الرحال للزيارة أو نحوها: كطلب علم ليس إلى المكان، بل إلى من فيه، وقد التبس ذلك على بعضهم، كما قاله المحقق التقي السبكي، فزعم أن شد الرحال إلى الزيارة في غير الثلاثة داخل في المنع، وهو خطأ، لأن الاستثناء كما مر إنما يكون من جنس المستثنى منه، كما إذا قلت ما رأيت إلا زيدًا كان تقديره: ما رأيت رجلاً واحدًا إلا زيدًا، لا، ما رأيت شيئًا أو حيوانًا إلا زيدًا.
وقد استدلّ بالحديث على أن من نذر إتيان أحد هذه المساجد، لزمه ذلك. وبه قال مالك، وأحمد والشافعي في البويطي، واختاره، أبو إسحاق المروزي. وقال أبو حنيفة: لا يجب مطلقًا. وقال الشافعي في الأم: يجب في المسجد الحرام لتعلق النسك به، بخلاف المسجدين الآخرين. وهذا هو المنصوص لأصحابه. واستدلّ به أيضًا على أن من نذر إتيان غير هذه الثلاثة، لصلاة أو غيرها لا يلزمه، لأنه لا فضل لبعضها على بعض، فتكفي صلاته في أي مسجد كان.
قال النووي: لا اختلاف فيه إلا ما روي عن الليث أنه قال: يجب الوفاء به، وعن الحنابلة رواية: أنه يلزمه كفارة يمين، ولا ينعقد نذره.
وعن المالكية رواية: أنه إن تعلقت به عبادة تختص به كرباط. وإلاّ فلا.
وذكر عن محمد بن مسلمة، أنه يلزم في مسجد قباء لأنه ﷺ كان يأتيه كل سبت.