أصحاب النبي ﷺ(فلما انصرف الشيخ) أبو برزة من صلاته (قال إني سمعت قولكم) الذي قلتموه آنفًا، (وإني غزوت مع رسول الله ﷺ ست غزوات، أو سبع غزوات، أو ثمان) بغير ياء ولا تنوين، وللحموي والمستملي: ثماني، بياء مفتوحة من غير تنوين.
وخرجه ابن مالك في شرح التسهيل على أن الأصل ثماني غزوات، فحذف المضاف وأبقى المضاف إليه على حاله وحسن الحذف دلالة المتقدم، أو أن الإضافة غير مقصودة، وترك تنوينه لمشابهة جواري لفظًا وهو ظاهر معنى لدلالته على جمع، أو يكون في اللفظ ثمانيًا بالنصب والتنوين، إلا أنه كتب على اللغة الربيعية، فإنهم يقفون على المنون المنصوب بالسكون، فلا يحتاج الكاتب على لغتهم إلى ألف. اهـ.
وتعقب الأخير في المصابيح: بأن التخريج إنما هو لقوله؛ ثماني، بلا تنوين. وقد صرح هو بذلك في التوضيح، فلا وجه حينئذ للوجه الثالث، وللكشميهني: أو ثمانيًا.
وفي رواية عمرو بن مرزوق الجزم بسبع غزوات من غير شك.
(وشهدت تيسيره) أي: تسهيله على أمته في الصلاة وغيرها، وأشار به إلى الرد على من شدد عليه في أن يترك دابته تذهب، ولا يقطع صلاته، ولا يجوز أن يفعله أبو برزة من رأيه دون أن يشاهده من النبي ﷺ(وإني) بكسر الهمزة وتشديد النون والياء اسمها (إن كنت) بكسر الهمزة، شرطية، والتاء اسم كان (أن أراجع) بضم الهمزة وفتح الراء ثم ألف، وللحموي، والمستملي، والأصيلي، وابن عساكر: أرجع، بفتح الهمزة وسكون الراء (مع دابتي) وأن بفتح الهمزة مصدرّية بتقدير لام العلة قبلها، أي: إن كنت لأن أراجع، وخبر كان (أحب إليَّ من أن أدعها) أي: أتركها (ترجع إلى مألفها) بفتح اللام الذي ألفته واعتادته.
وهذه الجملة الشرطية سدت مسد خبر إن في إني، وفي بعض الأصول بفتح همزة أن كنت، على المصدرية، ولام العلة محذوفة، والضمير المرفوع في: كنت، اسمها، وأن أرجع، بفتح الهمزة بتأويل مصدر مرفوع بالابتداء خبره: أحب إليَّ، والجملة اسمية خبر كان. وعلى هذا فخبر إن في إني، محذوف لدلالة الحال عليه، أي: وإني إن فعلت ما رأيتموه من اتباع الفرس لأجل كون رجوعها أحب إليّ من تركها. (فيشق عليّ) بنصب القاف عطفًا على المنصوب في قوله: أحب إليَّ من أن أدعها، وبالرفع على معنى: فذلك يشق عليَّ، لأن منزله كان بعيدًا، فلو تركها وصلّى، لم يأت أهله اٍلى الليل، لبعد المسافة.