وبه قال:(حدّثنا عمر بن حفص) النخعي، قال:(حدّثنا أبي) حفص بن غياث (قال: حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران قال: (حدّثنا شقيق) أبو وائل بن سلمة (عن عبد الله) بن مسعود (﵁، قال: قال رسول الله ﷺ) كلمة:
(من مات يشرك بالله شيئًا دخل النار) وسقط لأبي ذر، وابن عساكر: شيئًا.
قال ابن مسعود:(وقلت أنا:) كلمة أخرى (من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة) لأن انتفاء السبب يوجب انتفاء المسبب. فإذا انتفى الشرك انتفى دخول النار، وإذا انتفى دخول النار لزم دخول الجنة، إذ لا دار بين الجنة والنار.
وأصحاب الأعراف قد عرف استثناؤهم من العموم، ولم تختلف الروايات في الصحيحين في أن المرفوع: الوعيد، والموقوف: الوعد.
نعم، قال النووي: وجد في بعض الأصول المعتمدة من صحيح مسلم عكس هذا، قال رسول الله ﷺ:"من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة"، قلت أنا: ومن مات يشرك بالله شيئًا دخل النار.
وهكذا ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين، عن صحيح مسلم، وكذا رواه أبو عوانة في كتابه المخرج على مسلم، والظاهر أن ابن مسعود نسي مرة، وهي الرواية الأولى، وحفظ مرة وهى الأخرى فرواهما مرفوعين، كما رواهما جابر عند مسلم بلفظ: قيل يا رسول الله، ما الموجبتان؟
قال:"من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئًا دخل النار" لكن: قال في الفتح: إنه وهم، وإن الإسماعيلي بيَّن أن المحفوظ عن وكيع كما في البخاري، وبذلك جزم ابن خزيمة في صحيحه.
والصواب رواية الجماعة.
وتعقبه العيني فقال: كيف يكون وهمًا وقد وقع عند مسلم؟ كذا قال: فليتأمل.
قال في المصابيح: وكأن المؤلّف أراد أن يفسر معنى قوله: من كان آخر كلامه بالموت على الإيمان حكمًا أو لفظًا، ولا يشترط أن يتلفظ بذلك عند الموت، إذا كان حكم الإيمان بالاستصحاب.
وذكر قول وهب أيضًا تفسيرًا لكون مجرد النطق لا يكفي، ولو كان عند الخاتمة، حتى يكون هناك عمل، خلافًا للمرجئة، وكأنه يقول: لا تعتقد الاكتفاء بالشهادة، وإن قارنت الخاتمة، ولا تعتقد الاحتياج إليها قطعًا إذا تقدمت حكمًا، والله أعلم.
ورواة حديث الباب كلهم كوفيون، وفيه رواية تابعي عن تابعي عن صحابي، وفيه: التحديث