حديث جابر بن سمرة. مرفوعًا: "من دفن ثلاثة فصبر عليهم واحتسب وجبت له الجنة". فقالت أم أيمن: أو اثنين؟ فقال: "واثنين". فقالت: وواحدًا؟ فسكت ثم قال: "وواحدًا".
وعند الترمذي، وقال: غريب من حديث ابن مسعود، مرفوعًا: "من قدم ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث، كانوا له حصنًا حصينًا من النار". قال أبو ذر: قدمت اثنين. قال: "واثنين". قال أبي بن كعب: قدمت واحدًا. قال: "وواحدًا".
لكن، قال في الفتح: ليس في ذلك ما يصلح للاحتجاج، بل وقع في رواية شريك التي علق المصنف إسنادها كما سيأتي إن شاء الله تعالى، ولم نسأله عن الواحد.
نعم، روى المؤلّف في: الرقاق، من حديث أبي هريرة، مرفوعًا: "يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا، ثم احتسبه، إلا الجنة".
وهذا يدخل فيه الواحد فما فوقه، وهذا أصح ما ورد في ذلك، وهل يدخل في ذلك من مات له ولد فأكثر في حالة الكفر، ثم أسلم بعد ذلك، أو لا بدّ أن يكون موتهم في حالة إسلامه؟
قد يدل للأول حديث: أسلمت على ما أسلفت من خير، لكن جاءت أحاديث فيها تقييد ذلك بكونه في الإسلام، فالرجوع إليها أولى.
فمنها: حديث أبي ثعلبة الأشجعي، المروي في مسند أحمد، والمعجم الكبير، قلت: يا رسول الله! مات لي ولدان في الإسلام. فقال: "من مات له ولدان في الإسلام أدخله الله الجنة".
وحديث عمرو بن عبسة عند أحمد وغيره، قال: سمعت رسول الله ﷺ، يقول:
"من ولد له ثلاثة أولاد في الإسلام، فماتوا قبل أن يبلغوا الحنث، أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم".
وهل يدخل أولاد الأولاد، سواء كانوا أولاد البنين، أو أولاد البنات، لصدق الاسم عليهم أو لا يدخلون. لأن إطلاق الأولاد عليهم ليس حقيقة، وقد ورد تقييد الأولاد بكونهم من صلبه، وهو مخرج أولاد الأولاد.
فإن صح فهو قاطع للنزاع، ففي حديث عثمان بن أبي العاصي في مسند أبي يعلى والمعجم الكبير للطبراني، مرفوعًا بإسناد فيه عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة القرشي، وهو ضعيف: لقد استجن بجنة حصينة من النار، رجل سلف بين يديه ثلاثة من صلبه في الإسلام.
(لم يبلغوا الحنث) بكسر المهملة وسكون النون آخره مثلثة، سن التكليف الذي يكتب فيه الإثم. وخص الإثم بالذكر لأنه الذي يحصل بالبلوغ، لأن الصبي قد يثاب.