للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فقال) : (آذني) بالمد وكسر الذال المعجمة، أي: أعلمني (أصلي عليه) بعدم الجزم على الاستئناف وبه جوابًا للأمر.

(فآذنه) أعلمه (فلما أراد) (أن يصلّي عليه، جذبه عمر) بن الخطاب () بثوبه (فقال: أليس الله نهاك أن تصلي) أي: عن الصلاة (على المنافقين) وفهم ذلك عمر من قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١١٣] لم يتقدم نهي عن الصلاة على المنافقين، بدليل أنه قال في آخر هذا الحديث، فنزلت: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا﴾ [التوبة: ٨٤] وفي تفسير سورة براءة، من وجه آخر عن عبيد الله بن عمر، فقال: تصلي عليه وقد نهاك الله أن تستغفر لهم؟ (فقال) :

(أنا بين خيرتين) بخاء معجمة مكسورة ومثناة تحتية مفتوحة تثنية خيرة كعنبة أي أنا مخير بين الأمرين الاستغفار وعدمه (قال الله تعالى: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾) قال البيضاوي: يريد التساوي بين الأمرين في عدم الإفادة لهم، كما نص عليه بقوله: ﴿إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٨٠] فقال : لأزيدن على السبعين، ففهم من السبعين العدد المخصوص لأنه الأصل (فصلّى) (عليه) أي: على عبد الله بن أبي (فنزلت) آية: (﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا﴾) [التوبة: ٨٤]. لأن الصلاة دعاء للميت واستغفار له. وهو ممنوع في حق الكافر، وإنما لم ينه عن التكفين في قميصه، ونهى عن الصلاة عليه لأن الضنة بالقميص كان مخلاًّ بالكرم، ولأنه كان مكافأة لإلباسه العباس قميصه، كما مر.

وزاد أبو ذر في روايته: ولا تقم على قبره، أي: ولا تقف على قبره للدفن أو الزيارة، واستشكل تخييره بين الاستغفار لهم وعدمه، مع قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١١٣]. الآية، فإن هذه الآية نزلت بعد موت أبي طالب حين قال: والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، وهو متقدم على الآية التي فهم منها التخيير.

وأجيب: بأن المنهي عنه في هذه الآية استغفار مرجو الإجابة، حتى لا يكون مقصوده تحصيل المغفرة لهم، كما في أبي طالب، بخلاف استغفاره للمنافقين، فإنه استغفار لسان قصد به تطييب قلوبهم. اهـ.

وفي الحديث أنه تحرم الصلاة على الكافر، ذمي وغيره، نعم، يجب دفن الذمي وتكفينه، وفاء بذمته، كما يجب إطعامه وكسوته حيًّا. وفي معناه: المعاهد والمؤمن بخلاف الحربي، والمرتد، والزنديق. فلا يجب تكفينهم ولا دفنهم، بل يجوز إغراء الكلاب عليهم إذ لا حرمة لهم.

وقد ثبت أمره ، بإلقاء قتلى بدر في القليب بهيئتهم، ولا يجب غسل الكافر لأنه ليس من أهل التطهير، ولكنه يجوز، وقريبه الكافر أحق به.

<<  <  ج: ص:  >  >>