لمسلم ما يشعر بأنه ولدها، ولفظه تبكي على صبي لها، وصرح به في مرسل يحيى بن أبي كثير المذكور، ولفظه قد أصيبت بولدها. (فقال) لها يا أمة الله.
(اتقي الله واصبري) قال الطيبي: أي: خافي غضب الله إن لم تصبري ولا تجزعي، ليحصل لك الثواب.
(قالت: إليك عني) أي: تنح وابعد، فهو من أسماء الأفعال:(فإنك لم تصب بمصيبتي) بضم المثناة الفوقية، وفتح الصاد في تصب مبنيًّا للمفعول، وعند المصنف في الأحكام، من وجه آخر عن شعبة: فإنك خلو من مصيبتي، بكسر الخاء المعجمة وسكون اللام، خاطبته بذلك (و) الحال أنها (لم تعرفه) إذ لو عرفته لم تخاطبه بهذا الخطاب. (فقيل لها:) وللحموي، وللمستملي: لم تصب بمصيبتي فقيل لها (إنه النبي ﷺ) وعند المؤلّف في الأحكام: فأمر بها رجل، فقال لها: إنه رسول الله ﷺ، وفي رواية أبي يعلى، من حديث أبي هريرة قال: فهل تعرفينه، قالت له: لا.
وللطبراني في الأوسط، من طريق عطية، عن أنس: إن الذي سألها هو الفضل بن العباس، وزاد مسلم في رواية له: فأخذها مثل الموت، أي من شدة الكرب الذي أصابها لما عرفت أنه رسول الله ﷺ وإنما اشتبه عليها ﷺ لأنه من تواضعه لم يكن يستتبع الناس وراءه إذا مشى كعادة الملوك والكبراء، مع ما كانت فيه من شاغل الوجد والبكاء.
(فأتت) باب (النبي ﷺ، فلم تجد عنده بوابين) يمنعون الناس من الدخول عليه، وفي رواية الأحكام بوابًا بالإفراد.
فإن قلت: ما فائدة هذه الجملة؟ أجاب شارح المسماة. بأنه لما قيل لها إنه النبي، ﷺ استشعرت خوفًا وهيبة في نفسها، فتصورت أنه مثل الملوك له حاجب أو بوّاب يمنع الناس من الوصول إليه، فوجدت الأمر بخلاف ما تصوّرته.
(فقالت) معتذرة عما سبق منها، حيث قالت: إليك عني: (لم أعرفك) فاعذرني من تلك الردة وخشونتها (فقال) لها ﵊:
(إنما الصبر) الكامل (عند الصدمة الأولى) الواردة على القلب، أي: دعي الاعتذار فإن من شيمتي أن لا أغضب إلا لله، وانظري، إلى تفويتك من نفسك الجزيل من الثواب بالجزع، وعدم الصبر أوّل فجأة المصيبة، فاغتفر لها ﵊ تلك الجفوة لصدورها منها في حال مصيبتها، وعدم معرفتها به، وبين لها أن حق هذا الصبر أن يكون في أول الحال، فهو الذي يترتب عليه الثواب بخلاف ما بعد ذلك، فإنه على طول الأيام يسلو. كما يقع لكثير من أهل المصائب، بخلاف أوّل وقوع المصيبة، فإنه يصدم القلب بغتة