للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّتِهِ فَهُوَ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ ﴿ولَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾.

وَهُوَ كَقَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ﴾ -ذُنُوبًا- ﴿إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَىْءٌ﴾ وَمَا يُرَخَّصُ مِنَ الْبُكَاءِ فِي غَيْرِ نَوْحٍ وَقَالَ النَّبِيُّ : «لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلاَّ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا» وَذَلِكَ لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ.

(باب قول النبي، ) فيما وصله المؤلّف في الباب عن ابن عباس عن عمر.

(يعذب الميت ببعض بكاء أهله) المتضمن للنوح المنهي عنه (عليه) وليس المراد مع العين لجوازه، وإنما المراد البكاء الذي يتبعه الندب والنوح، فإن ذلك إذا اجتمع سمي بكاء.

قال الخليل: من قصر البكاء ذهب به إلى معنى الحزن، ومن مدّه ذهب به إلى معنى الصوت، وقيده بالبعضية تنبيهًا على أن حديث ابن عمر المطلق محمول على حديث ابن عباس عن عمر الآتي كل منهما إن شاء الله تعالى في هذا الباب.

(إذا كان) الميت في حال حياته راضيًا بذلك، بأن يكون (النوح من سنته) بضم السين وتشديد النون، أي من طريقته وعادته.

وأما قول الزركشي هذا منه أي: من المؤلّف، حمل للنهي عن ذلك، أي: أنه يوصي بذلك، فيعذب بفعل نفسه، فتعقبه صاحب مصابيح الجامع: بأن الظاهر أن البخاري لا يعني الوصية، وإنما يعني العادة. وعليه يدل قوله: من سنته، إذ السنة الطريقة والسيرة يعني: إذا كان الميت قد عود أهله أن يبكوا على من يفقدونه في حياته وينوحوا عليه بما لا يجوز. وأقرّهم على ذلك، فهو داخل في الوعيد، وإن لم يوص. فإن أوصى فهو أشد انتهى.

وليس قوله: إذا كان النوح من سنته من المرفوع، بل هو من كلام المؤلّف، قاله تفقهًا (لقول الله تعالى): ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ (﴿قُوا أَنفُسَكُمْ﴾) بترك المعاصي الشاملة للنوح وغيره (﴿وأهليكم نارًا﴾) [التحريم: ٦] بالنصح والتأديب لهم، فمن علم أن لأهله عادة بفعل منكر من نوح أو غيره، وأهمل نهيهم عنه، فما وقى أهله ولا نفسه من النار.

(وقال النبي ) مما تقدّم موصولاً في حديث ابن عمر في الجمعة: (كلكم راع ومسؤول عن رعيته). فمن ناح ما رعى نفسه ولا رعيته الذين هم أهله لأنهم يقتدون به في سنته.

(فإذا لم يكن من سنته) النوح، كمن لا شعور عنده، بأنهم يفعلون شيئًا من ذلك، أو أدّى ما عليه بأن نهاهم (فهو كما قالت عائشة، ) مستدلة لما أنكرت على عمر، ، حديثه المرفوع الآتي إن شاء الله تعالى قريبًا: "إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه" بقوله تعالى: (﴿ولا تزر﴾) سقطت الواو، من: ولا تزر لغير أبي ذر، لا تحمل (﴿وازرة﴾) نفس آثمة (﴿وزر﴾)

<<  <  ج: ص:  >  >>