للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وكل عنده) أي: وكل من الأخذ والإعطاء عند الله، أي: في علمه (بأجل مسمى) مقدّر ومؤجل، (فلتصبر ولتحتسب) أي: تنوي بصبرها طلب الثواب من ربها، ليحسب لها ذلك من عملها الصالح.

(فأرسلت إليه) حال كونها (تقسم عليه ليأتينها، فقام) ووقع في رواية عبد الرحمن بن عوف أنها راجعته مرتين، وأنه إنما قام في ثالث مرة (ومعه) بإثبات واو الحال، وللحموي والمستملي: معه (سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأُبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ورجال) آخرون ذكر منهم في غير هذه الرواية: عبادة بن الصامت، وأسامة، راوي الحديث، فمشوا إلى أن دخلوا بيتها، (فرفع إلى رسول الله، ، الصبي) أو: الصبية، ورفع بالراء، وفي رواية حماد: دفع، بالدال. وبين شعبة في روايته أنه وضع في حجره ، (ونفسه تتقعقع) بتاءين في أوّله، أي تضطرب وتتحرك، أي: كلما صار إلى حالة لم يلبث أن ينتقل إلى أخرى لقربه من الموت، والجملة اسمية حالية - (قال: حسبته أنه قال: كأنها شنّ-) بفتح الشين المعجمة وتشديد النون، قربة خلقة يابسة، وجزم به في رواية حماد، ولفظه: ونفسه تتقعقع كأنها في شن (ففاضت) ولأبي ذر: وفاضت (عيناه) بالبكاء وهذا موضع الترجمة، لأن البكاء العاري عن النوح لا يؤاخذ به الباكي، ولا الميت.

(فقال سعد) هو: ابن عبادة المذكور: (يا رسول الله! ما هذا؟) وفي رواية عبد الواحد، قال سعد بن عبادة: تبكي؟ وزاد أبو نعيم في مستخرجه: وتنهى عن البكاء؟ (فقال) : (هذه) الدمعة التي تراها من حزن القلب بغير تعمد ولا استدعاء لا مؤاخذة عليها (رحمة جعلها الله) تعالى (في قلوب عباده، وإنما) بالواو، ولأبي ذر، فإنما (يرحم الله من عباده الرحماء) نصب على أن، ما، في قوله: وإنما، كافة، ورفع على أنها موصولة، أي: إن الذين يرحمهم الله من عباده الرحماء، جمع رحيم من صيغ المبالغة، ومقتضاه أن رحمته تعالى تختص بمن اتصف بالرحمة، وتحقق بها، بخلاف من فيه أدنى رحمة. لكن ثبت في حديث عبد الله بن عمرو، وعند أبي داود وغيره: الراحمون يرحمهم الرحمن، والراحمون: جمع راحم، فيدخل فيه كل من فيه أدنى رحمة.

فإن قلت: ما الحكمة في إسناد فعل الرحمة في حديث الباب إلى الله، وإسناده في حديث أبي داود المذكور إلى الرحمن؟.

أجاب الخوييّ، بما حاصله: أن لفظ الجلالة دال على العظمة، وقد عرف بالاستقراء أنه حيث ورد يكون الكلام مسوقًا للتعظيم، فلما ذكرها ناسب ذكر من كثرت رحمته وعظمت، ليكون الكلام جاريًا على نسق التعظيم بخلاف الحديث الآخر، فإن لفظ الرحمن دال على العفو، فناسب أن يذكر معه كل ذي رحمة، وإن قلَّت.

ورواة الحديث الثلاثة الأول مروزيون، وعاصم وأبو عثمان بصريان، وفيه: التحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>