وأجاب: بأن ابن مالك قيده بأن لا تتعين: حتى، للعطف نحو: عجبت من القوم حتى بنيهم. قال ابن هشام: يريد أن الموضع الذي يصح أن تحل: إلى، فيه محل: حتى، العاطفة فهي محتملة للجارة، فيحتاج حينئذ إلى إعادة الجار عند قصد العطف، نحو: اعتكفت في الشهر حتى في آخره بخلاف المثال، وما في الحديث.
ثم أورد سؤالاً آخر، فقال: فإن قلت: لا يعطف على الضمير المخفوض، إلا بإعادة الخافض؟
وأجاب: بأن المختار عند ابن مالك، وغيره خلافه، وهو المذهب الكوفي لكثرة شواهده نظمًا ونثرًا، على أنه لو جعل العطف على المنصوب المتقدم، أي: لن تنفق نفقة حتى الشيء الذي تجعله في في امرأتك إلا أجرت. لاستقام. ولم يرد شيء مما تقدم.
وفيه: أن المباح إذا قصد به وجه الله صار طاعة، ويثاب عليه، وقد نبه عليه بأخس الحظوظ الدنيوية التي تكون في العادة عند الملاعبة، وهو وضع اللقمة في فم الزوجة، فإذا قصد بأبعد الأشياء عن الطاعة وجه الله، ويحصل به الأجر فغيره بالطريق الأولى.
قال سعد (فقلت): ولأبي ذر، وابن عساكر: قلت: (يا رسول الله أخلف) بضم الهمزة وفتح اللام المشددة مبنيًّا للمفعول، يعني بمكة، بعد أصحابي المنصرفين معك، وللكشميهني: أأخلف بهمزة الاستفهام (بعد أصحابيّ؟ قال)﵊:
(إنك لن) وللكشميهني: أن (تخلف) بعد أصحابك (فتعمل عملاً صالحًا إلا ازددت به) أي: بالعمل الصالح (درجة ورفعة، ثم لعلك أن تخلف) أي: بأن يطول عمرك، أي: إنك لن تموت بمكة، وهذا من إخباره ﵊ بالمغيبات، فإنه عاش حتى فتح العراق. ولعل: للترجي إلا إذا وردت عن الله ورسوله، فإن معناها التحقيق. قال البدر الدماميني: وفيه دخول أن، على خبر لعل، وهو قليل، فيحتاج إلى التأويل (حتى ينتفع بك أقوام) من المسلمين بما يفتحه الله على يديك من بلاد الشرك، ويأخذه المسلمون من الغنائم "ويضر بك آخرون" من المشركين الهالكين على يديك وجندك (اللهم أمض) بهمزة قطع، من الإمضاء وهو الإنفاذ، أي أتتم (لأصحابي هجرتهم) أي: التي هاجروها من مكة إلى المدينة (ولا تردّهم على أعقابهم) بترك هجرتهم ورجوعهم عن مستقيم حالهم، فيخيب قصدهم. قال الزهري، فيما رواه أبو داود الطيالسي، عن إبراهيم بن سعد عنه (لكن البائس) بالموحدة والهمزة آخره سين مهملة، الذي عليه أثر البؤس أي: شدة الفقر والحاجة (سعد بن خولة يرثي له رسول الله ﷺ) بفتح المثناة التحتية وسكون الراء وبالمثلثة من يرثي (أن مات بمكة) بفتح الهمزة أي: لأجل موته بالأرض التي هاجر منها، ولا يجوز الكسر على إرادة الشرط، لأنه كان انقضى وتم؛ وهذا موضع الترجمة.
لكن نازع الإسماعيلي المؤلّف بأن هذا ليس من مراثي الوتى، وإنما هو من إشفاق