مرادها: سكنت بالنوم لوجود العافية، ولأبي ذر: هذا بإسقاط التاء، نفسه، بفتح الفاء، واحد الأنفاس، أي سكن. لأن المريض يكون نفسه عاليًا فإذا زال مرضه سكن. وكذا إذا مات. وفي رواية معمر، عن ثابت: أمسى هادئًا (وأرجو أن يكون قد استراح) تعني أم سليم: من نكد الدنيا وتعبها، ولم تجزم بكونه استراح أدبًا، أو: لم تكن عالمة أن الطفل لا عذاب عليه، ففوّضت الأمر إلى الله تعالى، مع وجود رجائها بأنه استراح من نكد الدنيا.
قال أنس:(وظن أبو طلحة أنها صادقة) بالنسبة إلى ما فهمه من كلامها وإلا فهي صادقة بالنسبة إلى ما أرادت مما هو في نفس الأمر، ولذا ورد: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب، والمعاريض هي ما احتمل معنيين، وهذا من أحسنها، فإنها أخبرت بكلام لم تكذب فيه، لكن ورّت به عن المعنى الذي كان يحزنها، ألا ترى أن نفسه قد هدأت، كما قالت بالموت واْنقطاع النفس، وأوهمته أنه استراح من قلقه، وإنما هو: من هم الدنيا. وفيه مشروعية المعاريض الموهمة إذا دعت الضرورة إليها، وشرط جوازها أن لا تبطل حق مسلم. (قال) أنس (فبات) معها أي: جامعها (فلما أصبح اغتسل).
وفي رواية أنس بن سيرين: فقربت إليه العشاء، فتعشى، ثم أصاب منها. وفي رواية حماد بن ثابت: ثم تطيبت. وزاد جعفر عن ثابت: فتعرضت له حتى وقع بها، وفي رواية سليمان عن ثابت: ثم تصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك، فوقع بها. وليس ما صنعته من التنطع، وإنما فعلته إعانة لزوجها على الرضا والتسليم، ولو أعلمته بالأمر في أول الحال لتنكد عليه وقته، ولم يبلغ الغرض الذي أرادته منه، ولعلها عند موت الطفل قضت حقه من البكاء اليسير.
(فلما أراد) أبو طلحة (أن يخرج، أعلمته أنه قد مات) قال في الفتح: زاد سليمان بن المغيرة، كما عند مسلم فقالت: يا أبا طلحة، أرأيت لو أن قومًا أعاروا أهل بيت عارية، فطلبوا عاريتهم، ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا، قالت: فاْحتسب ابنك. قال: فغضب، وقال: تركتني حتى تلطخت ثم أخبرتني بابني.
وفي رواية عبد الله فقالت: يا أبا طلحة، أرأيت قومًا أعاروا متاعًا، ثم بدا لهم فيه فأخذوه، فكأنهم وجدوا في أنفسهم، زاد حماد في روايته عن ثابت: فأبوا أن يردّوها، فقال أبو طلحة: ليس لهم ذلك إن العارية مؤدّاة إلى أهلها، ثم اتفقا، فقالت: إن الله أعارنا غلامًا، ثم أخذه منا. زاد حماد: فاسترجع (فصلّى مع النبي، ﷺ، ثم أخبر النبي، ﷺ، بما كان منهما) بالتثنية، وللكشميهني: منها بضمير المؤنثة المفردة (فقال رسول الله ﷺ):
(لعل الله أن يبارك لكما في ليلتكما) لعل: هنا، بمعنى: عسى، بدليل دخول أن على خبره، ولأبي ذر، والأصيلي، وابن عساكر: لهما في ليلتهما بضمير الغائب، وفي رواية أنس بن سيرين: اللهم بارك لهما … وفيه تنبيه على أن المراد بقوله: أن يبارك، وإن كان لفظه لفظ الخبر، الدعاء.