للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المذكوران أو غيرهما: (انظر إلى مقعدك من النار، أبدلك الله به مقعدًا من الجنة. قال النبي : فيراهما جميعًا) أي: المقعدين اللذين أحدهما من الجنة والآخر من النار، أعاذنا الله منها (وأما الكافر -أو المنافق-) شك الراوي، لكن: الكافر لا يقول المقالة المذكورة، فتعين: المنافق (فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس! فيقال) أي: فيقول المنكر والنكير، أو غيرهما: (لا دريت) بفتح الراء (ولا تليت) بالمثناة التحتية الساكنة بعد اللام المفتوحة، وأصله: تلوت، بالواو.

يقال: تلا يتلو القرآن، لكنه قال: تليت بالياء للازدواج مع دريت أي: لا كنت داريًا ولا تاليًا. وقال في الفائق: أي: لا علمت بنفسك بالاستدلال، ولا اتبعت العلماء بالتقليد فيما يقولون، أو: لا تلوت القرآن، أي: لم تدر، ولم تتل، أي: لم تنتفع بدرايتك ولا تلاوتك، ولأبي ذر: ولا أتليت، بهمزة مفتوحة وسكون التاء. قال ابن الأنباري: وهو الصواب، دعاء عليه بأن لا تتلى إبله، أي: لا يكون لها أولاد تتلوها أي: تتبعها. وتعقبه ابن السراج: بأنه بعيد في دعاء الملكين. قال: وأي مال للميت.

وأجاب عياض باحتمال أن ابن الأنباري رأى أن هذا أصل الدعاء، استعمل في غيره كما استعمل غيره من أدعية العرب، وقال الخطابي، وابن السكيت: الصواب: ائتليت، بوزن: افتعلت، من قولك: ما ألوته، ما استطعته. و: لا آلو كذا بمعنى: لا أستطيعه. قال صاحب اللامع الصبيح: لكن بقاء التاء مع ما قرره، أي الخطابي: آلو بمعنى أستطيع مشكل وقال ابن بري: من روى تليت فأصله ائتليت بهمزة بعد همزة الوصل، فحذفت تخفيفًا، فذهبت همزة الوصل، وسهل ذلك لمزاوجة دريت.

(ثم يضرب) الميت بضم أوّل يضرب، وفتح ثالثه مبنيًّا للمفعول (بمطرقة) بكسر الميم (من حديد) صفة لمطرقة، و: من، بيانية، أو: حديد، صفة لمحذوف أي: من ضارب حديد، أي: قوي شديد الغضب، والضارب المنكر أو النكير أو غيرهما. وفي حديث البراء بن عازب، عند أبي داود: ويأتيه الملكان يجلسانه. الحديث، وفيه: ثم يقيض له أعمى أبكم أصم، بيده مرزبة من حديد، لو ضُرب بها جبل لصار ترابًا، قال: فيضربه بها ضربة … الحديث.

وفي حديث أنس بن مالك، عند أبي داود، أنه ، دخل نخلاً لبني النجار، فسمع صوتًا ففزع … الحديث، وفيه: فيقول له: ما كنت تعبد؟ فيقول: لا أدري! فيقول: لا دريت ولا تليت. فيضربه بمطراق من حديد بين أذنيه، فيصيح فالحديث الأوّل صريح أن الضارب غير منكر ونكير، والثاني أنه الملك السائل له، وهو إما المنكر أو النكير.

(ضربه بين أذنيه) أي أذني الميت (فيصيح صيحة يسمعها من يليه) أي: يلي الميت (إلا الثقلين) الجن والإنس، سميا بذلك لثقلهما على الأرض. والحكمة في عدم سماعهما الابتلاء، فلو سمعا لكان الإيمان منهما ضروريًّا، ولا عرضوا عن التدبير والصنائع، ونحوهما مما يتوقف عليه بقاؤهما،

<<  <  ج: ص:  >  >>