وبالسند قال:(حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس الأصبحي (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام الأعظم (عن هشام) هو: ابن عروة (عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام (عن عائشة، ﵂، قالت):
(لما اشتكى النبي، ﷺ،) أي: مرض مرضه الذي مات فيه (ذكرت) ولأبي ذر، والأصيلي: ذكر (بعض نسائه) هما: أم سلمة وأم حبيبة، كما سيأتي (كنيسة) بفتح الكاف، معبد النصارى (رأينها بأرض الحبشة) بنون الجمع في: رأينها، على أن أقل الجمع اثنان، أو معهما غيرهما من النسوة (يقال لها) أي: للكنيسة (مارية) بكسر الراء وتخفيف المثناة التحتية، علم للكنيسة، (وكانت أم سلمة) بفتح اللام، أم المؤمنين: هند بنت أبي أمية المخزومية (وأم حبيبة) بفتح الحاء، أم المؤمنين أيضًا: رملة بنت أبي سفيان (﵄، أتتا أرض الحبشة، فذكرتا) بلفظ التثنية للمؤنث من الماضي (من حسنها وتصاوير فيها، فرفع) رسول الله،ﷺ:(رأسه فقال):
(أولئك) بكسر الكاف، ويجوز فتحها (إذا مات منهم) وفي نسخة: فيهم (الرجل الصالح وجواب، إذا، قوله: (بنوا على قبره مسجدًا ثم، صوروا فيه) أي: في المسجد (تلك الصورة) التي مات صاحبها، ولأبي الوقت: من غير اليونينية: تلك الصور، بالجمع.
قال القرطبي: وإنما صوّر أوائلهم الصور ليتأنسوا بها، ويتذكروا أفعالهم الصالحة، فيجتهدون كاجتهادهم، ويعبدون الله عند قبورهم، ثم خلفهم قوم جهلوا مرادهم، ووسوس لهم الشيطان أن أسلافهم كانوا يعبدون هذه الصور، يعظمونها، فحذر النبي ﷺ عن مثل ذلك، سدًّا للذريعة المؤدية إلى ذلك بقوله:
(أولئك) بكسر الكاف وفتحها، ولأبي ذر: وأولئك (شرار الخلق عند الله). وموضع الترجمة قوله: بنوا على قبره مسجدًا، وهو مؤول على مذمة من اتخذ القبر مسجدًا، ومقتضاه التحريم. لا سيما وقد ثبت اللعن عليه، لكن صرح الشافعي، وأصحابه بالكراهة. وقال البندنيجي: المراد أن يسوى القبر مسجدًا، فيصلّى فيه. وقال إنه يكره أن يبنى عنده مسجد فيصلّى فيه إلى القبر، وأما المقبرة الدائرة إذا بني فيها مسجد ليصلّى فيه فلم أر فيه بأسًا، لأن المقابر وقف، وكذا المسجد، فمعناهما واحد.
قال البيضاوي: لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور الأنبياء تعظيمًا لشأنهم، ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها، واتخذوها أوثانًا، لعنهم النبي، ﷺ ومنع المسلمين عن مثل ذلك.
فأمَّا من اتخذ مسجدًا في جوار صالح، وقصد التبرك بالقرب منه، لا للتعظيم ولا للتوجه إليه، فلا يدخل في الوعيد المذكور.