وقال الخطابي: فرصه، بحذف الفاء، بعد الراء. وتشديد الصاد المهملة، أي ضعثه حتى ضم بعضه إلى بعض. ومنه: ﴿بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف: ٤] وللأصيلي، مما في الفتح: فرقصه، بالقاف بدل الفاء، ولعبدوس: فوقصه بالواو والقاف.
(وقال)﵊: (آمنت بالله وبرسله) قال البرماوي، كالكرماني: مناسبة هذا الجواب لقول ابن صياد: أتشهد أني رسول الله، أنه لما أراد أن يظهر للقوم كذبه في دعواه الرسالة، أخرج الكلام مخرج الإنصاف، أي آمنت برسل الله، فإن كنت رسولاً صادقًا غير ملبس عليك الأمر، آمنت بك. وإن كنت كاذبًا وخلط عليك الأمر فلا. لكنك خلط عليك الأمر فاخسأ ثم شرع يسأله عما يرى، (فقال له: ماذا ترى؟) وأراد باستنطاقه إظهار كذبه المنافي لدعواه الرسالة، (قال ابن صياد: يأتيني صادق وكاذب) أي أرى الرؤيا ربما تصدق، وربما تكذب.
قال القرطبي: كان ابن صياد على طريق الكهنة، يخبر بالخبر فيصح تارة، ويفسد أخرى، وفي حديث جابر عند الترمذي، فقال: أرى حقًّا وباطلاً، وأرى عرشًا على الماء.
(فقال) له (النبي ﷺ: خلط عليك الأمر) بضم الخاء المعجمة وتشديد اللام المكسورة، وروي تخفيفها، كما في الفرع وأصله، أي: خلط عليك شيطانك ما يلقي إليك. (ثم قال له النبي ﷺ: إني قد خبأت لك) أي: أضمرت لك في صدري (خبيئًا) بفتح الخاء المعجمة وكسر الموحدة وسكون المثناة التحتية ثم همزة بوزن فعيل، ولأبي ذر: خبئًا، بفتح الخاء وسكون الموحدة، وإسقاط التحتية أي: شيئًا. وفي حديث زيد بن حارثة، عند البزار، والطبراني في الأوسط: كان رسول الله، ﷺ، خبأ له سورة الدخان، وكأنه أطلق السورة وأراد بعضها. فعند أحمد في حديث الباب: وخبأ له ﴿يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾ [الدخان: ١٠].
(فقال ابن صياد: هو الدخ) بضم الدال المهملة ثم خاء معجمة. وفي حديث أبي ذر، عند البزار، وأحمد: فأراد أن يقول: الدخان، فلم يستطع فقال الدخ. اهـ. أي: لم يستطع أن يتم الكلمة، ولم يهتد من الآية الكريمة إلا لهذين الحرفين، على عادة الكهان من اختطاف بعض الكلمات من أوليائهم من الجن، أو من هواجس النفس.
(فقال) له ﵊: (اخسأ) بهمزة وصل آخره همزة ساكنة، لفظ يزجر به الكلب، ويطرد أي: اسكت صاغرًا مطرودًا (فلن تعدو قدرك) بنصب تعدو: بلن، وفي بعض النسخ، مما حكاه السفاقسي: لن تعد، بغير واو فقيل: حذفت تخفيفًا، أو أنّ: لن، بمعنى: لا، أو: على لغة من يجزم بلن، وهي لغة حكاها الكسائي، وتعدو بالمثناة الفوقية: فقدرك، نصب أو: بالتحتية، فرفع أي: لا يبلغ قدرك أن تطالع بالغيب من قبل الوحي المخصوص بالأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، ولا من قبل الإلهام الذي يدركه الصالحون، وإنما قال ابن صياد ذلك، من شيء ألقاه أليه الشيطان، إما لكون النبي ﷺ، تكلم بذلك بينه وبين نفسه، فسمعه الشيطان. أو