فالصحيح أنه من أهل الجنة، وقيل: لا عبرة بالإيمان الفطري في الدنيا، بل الإيمان الشرعي المكتسب بالإرادة والعقل، فطفل اليهوديين مع وجود الإيمان الفطري محكوم بكفره في الدنيا تبعًا لأبويه (كما تتتج) بمثناتين فوقيتين، أولاهما مضمومة والأخرى مفتوحة، بينهما نون ساكنة ثم جيم، مبنيًّا للمفعول أي: تلد (البهيمة بهيمة) نصب على المفعولية (جمعاء) بفتح الجيم وسكون الميم ممدودًا، نعت لبهيمة، لم يذهب من بدنها شيء سميت بذلك لاجتماع أعضائها (هل تحسون) بضم أوّله وكسر ثانيه أي: هل تبصرون (فيها من جدعاء)؟ بجيم مفتوحة ودال مهملة ساكنة ممدودًا، أي: مقطوعة الأذن أو الأنف أو الأطراف. والجملة صفة أو حال. أي: بهيمة مقولاً فيها هذا القول، أي: كل من نظر إليها قال هذا القول لظهور سلامتها.
وكما، في قوله: كما تنتج، في موضع نصب على الحال من الضمير المنصوب في: يهوّدانه، أي: يهوّدان المولود بعد أن خلق على الفطرة، حال كونه شبيهًا بالبهيمة التي جدعت بعد أن خلقت سليمة، أو هو صفة لمصدر محذوف، أي: يغيرانه مثل تغييرهم البهيمة السليمة والأفعال الثلاثة تنازعت في: كما، على التقديرين.
(ثم يقول أبو هريرة، ﵁) مما أدرجه في الحديث، كما بينه مسلم في رواية حيث قال: ثم يقول أبو هريرة اقرؤوا إن شئتم (-فطرة الله-) أي: خلقته، نصب على الإغراء، أو: المصدر لما دل عليه ما بعدها ﴿الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ [الروم: ٣٠] أي: خلقهم عليها، وهي: قبول الحق وتمكنهم من إدراكه، أو: ملة الإسلام فإنهم لو خلوا وما خلقوا عليه أداهم إليه، لأن حسن هذا الدين ثابت في النفوس، وإنما يعدل عنه لآفة من الآفات البشرية، كالتقليد. وقيل: العهد المأخوذ من آدم وذريته يوم ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ [الأعراف: ١٧٢] وقد جزم في تفسير سورة الروم بأن الفطرة: الإسلام. قال ابن عبد البر: وهو المعروف عند عامة السلف.
وهذا الحديث منقطع، لأن ابن شهاب لم يسمع من أبي هريرة، بل لم يدركه، ولم يذكره المصنف للاحتجاج، بل لاستنباطه منه ما سبق من الحكم.
وقد ساقه المؤلّف من طريق أخرى، عنه عن أبي سلمة، فقال بالسند السابق: