أجيب: بأن عموم قول ابن عمر: إنما يظله عمله، يدخل فيه أنه كما لا ينتفع بتظليله، وإن كان تعظيمًا له، لا يتضرر بالجلوس عليه، وإن كان تحقيرًا. وقال ابن رشيد: كأن بعض الرواة كتبهما في غير موضعهما، فإن الظاهر أنهما من الباب التالي لهذا، وهو باب: موعظة المحدّث عند القبر، وقعود أصحابه حوله.
وبالسند قال:(حدّثنا يحيى) هو: ابن جعفر البيكندي كما في مستخرج أبي نعيم، أو هو: يحيى بن يحيى، كما جزم به أبو مسعود في الأطراف. أو: هو يحيى بن موسى المعروف بخت، كما وقع في رواية أبي علي بن شبويه، عن الفربري قال الحافظ ابن حجر: وهو المعتمد (قال: حدّثنا أبو معاوية) محمد بن خازم بالخاء والزاي المعجمتين (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن مجاهد) هو: ابن جبر (عن طاوس) هو: ابن كيسان (عن ابن عباس، ﵄، عن النبي، ﷺ):
(أنه مر) ولأبي ذر: قال: مر النبي، ﷺ(بقبرين) أي بصاحبيهما من باب تسمية الحال باسم المحل (يعذبان. فقال: إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير) إزالته أو دفعه، أو الاحتراز عنه، ويحتمل أن يكون نفي كونه كبيرًا باعتبار اعتقاد الاثنين المعذبين أو اعتقاد مرتكبه مطلقًا، أو باعتبار اعتقاد المخاطبين. أي: ليس كبيرًا عندكم ولكنه كبير عند الله، كما جاء في رواية عند المؤلّف: وما يعذبان في كبير فهو كقوله: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ [النور: ١٥](أما أحدهما فكان لا يستتر من البول) يحتمل أن يحمل على حقيقته من الاستتار عن الأعين، ويكون العذاب على كشف العورة، أو: على المجاز، والمراد التنزه من البول بعدم ملابسته، ورجح، وإن كان الأصل الحقيقة، لأن الحديث يدل على أن للبول بالنسبة إلى عذاب القبر خصوصية، فالحمل عليه أولى كما مر في الوضوء (أما الآخر فكان يمشي بالنميمة) المحرمة، وخرج به ما كان للنصيحة، أو لدفع مفسدة، والباء للمصاحبة أي: يسير في الناس متصفًا بهذه الصفة، أو: للسببية أي: يمشي بسبب ذلك.
(ثم أخذ)﵊(جريدة رطبة، فشقها بنصفين) قال الزركشي: دخلت الباء على المفعول زائدة. اهـ. يعني في قوله بنصفين، وقد تعقبه صاحب مصابيح الجامع فقال: لا نسلم شيئًا من ذلك، أما دعواه أن نصفين مفعول، فلأن شق إنما يتعدى لمفعول واحد، وقد أخذه وليس هذا بدلاً منه. وأما دعوى الزيادة فعلى خلاف الأصل وليس هذا من محال زيادتها، ثم قال: والباء للمصاحبة، وهي ومدخولها ظرف مستقر منصوب المحل على الحال، أي: فشقها متلبسة بنصفين،