جهنم) وهذا من باب مجانسة العقوبات الأخروية للجنايات الدنيوية، ويؤخذ منه: أن جناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره في الإثم، لأن نفسه ليست ملكًا له مطلقًا، بل هي لله، فلا ينصرف فيها إلا بما أذن له فيه، ولا يخرج بذلك من الإسلام، ويصلّى عليه عند الجمهور، خلافًا لأبي يوسف، حيث قال: لا يصلّى على قاتل نفسه.
وفي هذا الحديث: التحديث والعنعنة، وأخرجه أيضًا في: الأدب، والإيمان، ومسلم في الإيمان، وكذا أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة في: الكفارات.
وبه قال (وقال حجاج بن منهال) بكسر الميم، الأنماطي السلمي البصري، مما وصله المؤلّف في: ذكر بني إسرائيل، فقال: حدّثنا محمد قال: حدّثنا حجاج بن منهال، ومحمد هو ابن معمر، كذا نسبه ابن السكن عن الفربري وقيل: هو الذهلي، قال:(حدّثنا جريج بن حازم) الأزدي البصري الثقة، لكن في حديثه عن قتادة ضعف، وله أوهام إذا حدث من حفظه، واختلط في آخر عمره، لكنه لم يسمع أحد منه في حال اختلاطه شيئًا، واحتج به الجماعة، ولم يخرج له المؤلّف عن قتادة إلا أحاديث يسيرة توبع فيها، (عن الحسن) البصري قال:
(حدّثنا جندب) هو: ابن عبد الله بن سفيان البجلي (﵁، في هذا المسجد) المسجد البصري (فما نسينا) أشار بذلك إلى تحققه لما حدث به، وقرب عهده به، واستمرار ذكره له (وما نخاف أن يكذب جندب عن النبي) ولأبي ذر: على النبي ﷺ وعلى أوضح يقال: كذب عليه، وأما رواية: عن، فعلى معنى النقل، وفيه إشارة إلى أن الصحابة عدول، وأن الكذب مأمون من قبلهم، خصوصًا على النبي ﷺ(قال):
(كان برجل) أي فيمن كان قبلكم، قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمه (جراح) بكسر الجيم (قتل) ولأبي ذر: فقتل (نفسه) بسبب الجراح (فقال الله)﷿: (بدرني عبدي بنفسه) أي: لم يصبر حتى أقبض روحه من غير سبب له في ذلك، بل استعجل وأراد أن يموت قبل الأجل الذي لم يطلعه الله تعالى عليه، فاستحق المعاقبة المذكورة في قوله:(حرمت عليه الجنة) لكونه مستحلاً لقتل نفسه، فعقوبته مؤبدة، أو حرّمتها عليه في وقت ما، كالوقت الذي يدخل فيه السابقون، أو: الوقت الذي يعذب فيه الموحدون في النار ثم يخرجون، أو: حرمت عليه جنة معينة، كجنة عدن مثلاً، أو ورد على سبيل التغليظ والتخويف، فظاهره غير مراد. قال النووي: أو يكون شرع من مضى أن أصحاب الكبائر يكفرون بها.