وبه قال:(حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر: حدّثني (محمد بن مقاتل) المروزي، المجاور بمكة، قال (أخبرنا عبد الله) بن المبارك، قال:(أخبرنا أبو بكر بن عياش) بالمثناة التحتة والشين المعجمة (عن سفيان) بن دينار على الصحيح (التمار) بالمثناة الفوقية، من كبار التابعين، لكنه لم يعرف له رواية عن صحابي.
(أنه حدثه أنه رأى قبر النبي، ﷺ، مسنمًا) بضم الميم وتشديد النون المفتوحة. أي: مرتفعًا: زاد أبو نعيم في مستخرجه: وقبر أبي بكر، وعمر كذلك. واستدلّ به على أن المستحب تسنيم القبور، وهو قول أبي حنيفة، ومالك، وأحمد، والمزني وكثير من الشافعية.
وقال أكثر الشافعية، ونص عليه الشافعي: التسطيح أفضل من التسنيم، لأنه ﷺ سطح قبر إبراهيم، وفعله حجة لا فعل غيره، وقول سفيان التمار لا حجة فيه، كما قال البيهقي: لاحتمال أن قبره ﷺ، وقبري صاحبيه، لم تكن في الأزمنة الماضية مسلمة.
وقد روى أبو داود بإسناد صحيح، أن القاسم بن محمد بن أبي بكر، قال: دخلت على عائشة فقلت لها: اكشفي لي عن قبر النبي ﷺ وصاحبيه. فكشفت عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء، أي: لا مرتفعة كثيرًا، ولا لاصقة بالأرض. كما بينه في آخر الحديث. يقال لطئ بكسر الطاء، ولطأ بفتحها، أي: لصق. ولا يؤثر في أفضلية التسطيح كونه صار شعارًا للروافض، لأن السنة لا تترك بموافقة أهل البدع فيها، ولا يخالف ذلك قول علي،﵁: أمرني رسول الله ﷺ أن لا أدع قبرًا مشرفًا إلا سويته، لأنه لم يرد تسويته بالأرض، وإنما أراد تسطيحه جمعًا بين الأخبار. نقله في المجموع عن الأصحاب.