صوّر له (يوم القيامة) ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي، وابن عساكر: مثل له ماله يوم القيامة أي ماله الذي لم يؤدّ زكاته (شجاعًا) بضم الشين المعجمة والنصب مفعول ثان لمثل والضمير الذي فيه يرجع إلى قوله مالاً وقد نَاب عن المفعول الأوّل، وقال الطيبي: شجاعًا نصب يجري مجرى المفعول الثاني أي صوّر ماله شجاعًا. وقال ابن الأثير: ومثل يتعدّى إلى مفعولين فإذا بني لما لم يسم فاعله يتعدى إلى واحد فلذا قال: مثل له شجاعًا. وقال البدر الدماميني: شجاعًا منصوب على الحال وهو الحية الذكر والذي يقوم على ذنبه ويواثب الرجل والفارس وربما بلغ الفارس (أقرع) لا شعر له على رأسه لكثرة سمه وطول عمره (له زبيبتان) بزاي معجمة مفتوحة فموحدتين بينهما تحتية ساكنة أي زبدتان في شدقيه يقال: تكلم فلان حتى زبب شدقاه أي خرج الزبد عليهما، أو هما نابان يخرجان من فيه، وردّ بعدم وجود ذلك كذلك أو هما النكتتان السوداوان فوق عينيه وهو أوحش ما يكون من الحيات وأخبثه (يطوّقه) بفتح الواو والمشددة والضمير الذي فيه مفعوله الأوّل والضمير البارز مفعوله الثاني وهو يرجع إلى من في قوله "من آتاه الله مالاً" والضمير المستتر يرجع إلى الشجاع أي يجعل طوقًا في عنقه (يوم القيامة ثم يأخذ) الشجاع (بلهزمتيه) بكسر اللام والزاي بينهما هاء ساكنة وبعد الميم فوقية تثنية لهز ولغير أبي ذر: بلهزميه بإسقاط الفوقية وفسرهما بقوله (يعني شدقيه) بكسر الشين المعجمة أي جانبي الفم أو لأبي ذر: يعني بشدقيه بزيادة موحدة قبل الشين (ثم يقول): الشجاع له (أنا مالك، أنا كنزك) يخاطبه بذلك ليزداد غصة وتهكمًا عليه (ثم تلا)﵊: (﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ﴾)[آل عمران: ١٨٠] بالغيب في يحسبن أسنده إلى الذين وقدر مفعولاً دل عليه يبخلون أي: لا يحسبن الباخلون بخلهم خيرًا لهم، وحذف واو ولا وهي ثابتة في القرآن. ولأبي ذر: ولا تحسبن بإثباتها وتحسبن بالخطاب وهي قراءة حمزة والمطوعي عن الأعمش أسنده إلى رسول الله ﷺ، وقدر مضافًا أي لا تحسبن يا محمد بخل الذين يبخلون هو خيرًا لهم فبخل وخيرًا مفعولاه.
وفي رواية الترمذي قرأ مصداقه سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة وفيه دلالة على أن المراد بالتطويق حقيقته خلافًا لمن قال إن معناه سيطوّقون الإثم. وفي تلاوة الرسول ﷺ الآية عقب ذلك دلالة على أنها نزلت في مانعي الزكاة وعليه أكثر المفسرين. وهذا الحديث جعله أبو العباس الطرقي والذي قبله حديثًا واحدًا. ورواه مالك في موطئه عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح لكن بوقفه على أبي هريرة، وخالفهم عبد العزيز بن أبي سلمة فرواه عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ. قال ابن عبد البر: وهو عندي خطأ بيّن في الإسناد لأنه لو كان عند عبد الله بن دينار عن ابن عمر ما رواه عن أبي صالح عن أبي هريرة أصلاً. ورواية مالك وعبد الرحمن بن عبد الله هي الصحيحة وهو مرفوع صحيح.
وقد أخرج حديث الباب المؤلّف أيضًا في التفسير، والنسائي في الزكاة.