المضارع لتحقق الوقوع كما في نحو قوله تعالى: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف: ٤٤] والمعنى وكتابة المجازاة في الدنيا (الحسنة) بالرفع مبتدأ وخبره (بعشر) أي تكتب أو تثبت بعشر (أمثالها) حال كونها منتهية (إلى سبعمائة ضعف) بكسر الضاد والضعف المثل إلى ما زاد، ويقال لك ضعفه يريدون مثليه وثلاثة أمثاله لأنه زيادة غير مخصوصة قاله في القاموس، وقد أخذ بعضهم فيما حكاه الماوردي بظاهر هذه الغاية، فزعم أن التضعيف لا يتجاوز سبعمائة. وأجيب بأن في حديث ابن عباس عند المصنف في الرقاق كتب له الله عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة وهو يرد عليه، وأما قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاء﴾ [البقرة: ٢٦١] فيحتمل أن يكون المراد أنه يضاعف تلك المضاعفة لمن يشاء بأن يجعلها سبعمائة وهو الذي قاله البيضاوي تبعًا لغيره، ويحتمل أن يضاعف السبعمائة بأن يزيد عليها (والسيئة بمثلها) من غير زيادة (إلا أن يتجاوز الله)﷿(عنها) أي عن السيئة فيعفو عنها، وفيه دليل لأهل السُّنَّة أن العبد تحت المشيئة إن شاء الله تعالى تجاوز عنه وإن شاء آخذه وردّ على القاطع لأهل الكبائر بالنار كالمعزلة. وقول الحافظ ابن حجر: إن أول الحديث يرد على من أنكر الزيادة والنقص في الإيمان لأن الحسن تتفاوت درجاته. تعقبه العيني بأن الحسن من أوصاف الإيمان ولا يلزم من قابلية الوصف الزيادة والنقصان قابلية الذات إياهما، لأن الذات من حيث هي هي لا تقبل ذلك كما عرف في موضعه انتهى.
وقد تقدم في أوّل كتاب الإيمان عند قوله: ﴿وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: ٢٢] تحقيق البحث في ذلك فليراجع. وهذا الحديث لم يسنده المؤلف بل علقه وقد
وصله أبو ذر الهروي في روايته فقال: أخبرنا النضروي وهو العباس بن الفضل، حدّثنا الحسين بن
إدريس، حدّثنا هشام بن خالد، حدّثنا الوليد بن مسلم، عن مالك، عن زيد بن أسلم به ووصله النسائي في سننه، والحسن بن سفيان في مسنده والإسماعيلي، ولفظه من طريق عبد الله بن نافع عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ قال:"إذا أسلم العبد كتب الله له كل حسنة قدمها ومحا عنه كل سيئة زلفها" ثم قيل له: ائتنف العمل الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة والسيئة بمثلها إلا أن يغفر الله، والدارقطني في غرائب مالك من تسع طرق، ولفظه من طريق طلحة بن يحيى عن مالك "ما من عبد يسلم فيحسن إسلامه إلا كتب الله له كل حسنة زلفها ومحا عنه كل خطيئة زلفها" بالتخفيف فيهما، وللنسائي نحوه لكن قال: أزلفها، فقد ثبت في جميع الروايات ما أسقطه البخاري وهو كتابة الحسنات المتقدمة قبل الإسلام. وقوله: كتب الله أي أمر أن يكتب. وللدارقطني من طريق ابن شعيب عن مالك يقول الله لملائكته اكتبوا. قيل: وإنما اختصره المؤلف لأن قاعدة الشرع أن الكافر لا يثاب على طاعته في شركه، لأن من شرط المتقرب كونه عارفًا بمن تقرب إليه، والكافر ليس كذلك. ورده النووي بأن الذي عليه الحققون بل نقل بعضهم فيه الإجماع أن الكافر إذا فعل أفعالاً جميلة على جهة التقرّب إلى الله تعالى كصدقة وصلة رحم وإعتاق ونحوها ثم أسلم ومات على الإسلام أن ثواب ذلك يكتب له. وحديث حكيم بن حزام المروي في