مصروف ومقصور فهي ستة اثنان منها مع القصر على أنه اسم مقصور لا تركيب فيه فيعرب كسائر المقصور، وصوّب الصغاني والزمخشري والمجد الشيرازي منها فتح الموحدة والراء على سائرها من الممدود والقصور بل قال الباجي: إنها المصححة على أبي ذر وغيره.
(وكانت) أي بيرحا (مستقبلة المسجد) النبوي أي مقابلته قريبة منه، (وكان رسول الله ﷺ يدخلها ويشرب من ماء فيها) أي في بيرحا (طيب) بالجر صفة للمجرور السابق (قال أنس ﵁. فلما أنزلت هذه الآية: ﴿لن تنالوا البرّ﴾ أي لن تبلغوا حقيقة البر الذي هو كمال الخير: أو لن تنالوا بر الله الذي هو الرحمة والرضا والجنة (﴿حتى تنفقوا مما تحبون﴾)[آل عمران: ٩٢] أي من بعض ما تحبون من المال أو مما يعمه وغيره كبذل الجاه في معاونة الناس والبدن في طاعة الله والمهجة في سبيل الله. (قام أبو طلحة)﵁(إلى رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله إن الله ﵎ يقول: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾ وإن أحب أموالي إلي بيرحا) رفع خبر إن (وإنها صدقة لله أرجو برها) أي خيرها (وذخرها) بضم الذال المعجمة أي أقدمها فادّخرها لأجدها (عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله) فوّض تعيين مصرفها إليه ﵊، لكن ليس فيه تصريح بأن أبا طلحة جعلها حبسًا (قال: فقال رسول الله ﷺ):
(بخ) بفتح الموحدة وسكون المعجمة كهل وبل غير مكررة هنا. قال في القاموس قل في الإفراد بخ ساكنة وبخ مكسورة وبخ منوّنة وبخ منوّنة مضمومة، وتكرر بخ بخ للمبالغة الأول منوّن والثاني مسكن، ويقال بخ بخ مسكنين وبخ بخ منوّنين وبخ بخ مشدّدين كلمة تقال عند الرضا والإعجاب بالشيء أو الفخر والمدح انتهى. فمن نوّنه شبهه بأسماء الأصوات كصه ومه (ذلك مال رابح ذلك مال رابح)، بالموحدة فيهما أي ذو ربح كلابن وتامر أي يربح صاحبه في الآخرة أو مال مربوح فاعل بمعنى مفعول:(وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين فقال أبو طلحة أفعل يا رسول الله) برفع لام أفعل مستقبلاً (فقسمها) أي بيرحا (أبو طلحة في أقاربه وبني عمه) من عطف الخاص على العام وهذا يدل على أن إنفاق أحبّ الأموال على أقرب الأقارب أفضل وأن الآية تعم الإنفاق الواجب والمستحب قاله البيضاوي، لكن استشكل وجه دلالة الحديث على الترجمة لأنها للزكاة على الأقارب وهذا ليس زكاة.
وأجيب: بأنه أثبت للزكاة حكم الصدقة بالقياس عليها قاله الكرماني فليتأمل. وقال ابن المنير: إن صدقة التطوّع على الأقارب لما لم ينقص أجرها بوقوعها موقع الصدقة والصلة معًا كانت صدقة الواجب كذلك لكن لا يلزم من جواز صدقة التطوّع على من يلزم المرء نفقته أن تكون الصدقة الواجبة كذلك.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الوصايا والوكالة والأشربة والتفسير، ومسلم في الزكاة، والنسائي في التفسير.