المهملة والضاد المعجمة والمد العرق الكثير (فقال: أين السائل؟ وكأنه)﵊(حمده) أي السائل فهموا أوّلاً من سكوته عند سؤاله إنكاره، ومن قوله ﵊ أين السائل حمده لما رأوا فيه من البشرى لأنه ﵊ كان إذا سرّ استنار وجهه (فقال:)﵊: (إنه لا يأتي الخير بالشر) أي ما قدر الله أن يكون خيرًا يكون خيرًا وما قدّر أن يكون شرًّا يكون شرًّا، وإن الذي أخاف عليكم تضييعكم نعمة الله وصرفكم إياها في غير ما أمر الله فلا يتعلق ذلك بنفس النعمة (و) اضرب لكم مثلين: أحدهما مثل المفرط في جمع الدنيا هو (إن مما ينبت الربيع) بضم المثناة التحتية من الإنبات والربيع رفع فاعل وهو الجدول الذي يستسقى به ما (يقتل) قتلاً حبطًا (أو يلم) بضم أوله وكسر اللام أي يقرب من القتل؟ وسقط في البخاري هنا لفظه ما قبل يقتل وحبطًا بعدها فيقتل صفة لمفعول محذوف أي شيئًا أو نباتًا وحبطًا بفتح الحاء المهملة
والموحدة نصب على التمييز وهو داء يصيب البعير من أحرار العشب أو من كلأ طيب يكثر منه فينتفخ فيهلك أو يقارب الهلاك، وكذلك الذي يكثر من جمع الدنيا لا سيما من غير حلها ويمنع ذا الحق حقه يهلك في الآخرة بدخوله النار وفي الدنيا بأذى الناس له وحسدهم إياه وغير ذلك من أنواع الأذى، وإسناد الإنبات للربيع مجاز على رأي الشيخ عبد القاهر الجرجاني إذ السند إليه ملابس للفعل وليس فاعلاً حقيقيًا له إذ الفاعل هو الله تعالى، والسكاكي يرى أن الإسناد ليس مجازيًا وأن المجاز في الربع فجعله استعارة بالكناية على أن المراد به الفاعل الحقيقي بقرينة نسبة الإسناد إليه (إلا) بالتشديد (آكلة الخضراء)، بفتح الخاء وسكون الضاد المعجمتين وألف ممدودة بعد الراء، وللكشميهني والمستملي: الخضر بكسر الضاد والراء من غير ألف، وآكلة بمد الهمزة والاستثناء مفرغ، والأصل مما ينبت الربع ما يقتل آكله إلا آكل الخضراء وقال الطيبي: الأظهر أنه منقطع لوقوعه في الكلام المثبت وهو غير جائز عند الزمخشري إلا بالتأويل، ويجوز أن يكون متصلاً لكن يجب التأويل في المستثنى، والمعنى أن من جملة ما ينبت الربيع شيئًا يقتل آكله إلا الخضر منه إذا اقتصد فيه آكله وتحرى دفع ما يؤديه إلى الهلاك. وفي بعض النسخ: ألا بتخفيف اللام وفتح الهمزة على أنها استفتاحية كأنه قال: ألا انظروا آكلة الخضراء واعتبروا شأنها (أكلت) وفي بعض النسخ: فإنها أكلت أي فإن آكلة الخضراء أكلت (حتى إذا امتدّت خاصرتاها) أي جنباها أي امتلأت شبعًا وعظم جنباها ثم أقلعت عنه سريعًا (استقبلت عين الشمس) تستمرئ بذلك ما أكلت وتجترّه (فثلطت) بفتح المثلثة واللام أي ألقت السرقين سهلاً رقيقًا (وبالت) فيزول عنها الحبط، وإنما تحبط الماشية لأنها تمتلئ بطونها ولا تثلط ولا تبول فتنتفخ بطونها فيعرض لها المرض فتهلك (ورتعت). اتسعت في المرعى. وهذا مثل المقتصد في جمع الدنيا المؤدّي حقها الناجي من وبالها كما نجت آكلة الخضر الذي ليس من أحرار البقول وجيدها التي ينبتها الربيع بتوالي أمطاره فتحسن وتنعم ولكنه من البقول التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول ويبسها حيث لا تجد سواها فلا ترى الماشية تكثر من أكلها ولا تسمرئها وقيل الربيع قد ينبت أحرار العشب والكلأ فهي كلها خير في نفسها، وإنما يأتي الشر من قبل آكل مستلذ مفرط منهمك فيها بحيث تنتفخ أضلاعه منه وتمتلئ خاصرتاه ولا يقلع عنه فيهلكه سريعًا، فهذا مثل للكافر ومن ثم