وبالسند قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن ابن شهاب) الزهري (عن عطاء بن يزيد الليثي) بالمثلثة ويزيد من الزيادة (عن أبي سعيد الخدري ﵁ أن ناسًا من الأنصار). قال الحافظ ابن حجر: لم أعرف اسمهم لكن في حديث النسائي ما يدل على أن أبا سعيد المذكور منهم (سألوا رسول الله ﷺ فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم) زاد أبو ذر: ثم سألوه فأعطاهم (حتى نفد) بكسر الفاء وبالدال المهملة أي فرغ وفني (ما عنده فقال):
(ما يكون عندي من خير) ما موصولة متضمنة معنى الشرط وجوابه (فلن أدخره عنكم) بتشديد الدال المهملة أي لن أجعله ذخيرة لغيركم أو لن أحبسه وأخبأه وأمنعكم إياه (ومن يستعفف) بفاءين، وللحموي والمستملي: ومن يستعف بفاء واحدة مشددة أي ومن طلب العفة عن السؤال (يعفه الله) بنصب الفاء أي يرزقه الله العفة أي الكف عن الحرام، ولأبي ذر: يعفه الله برفع الفاء (ومن يستغن) يظهر الغنى (يغنه الله ومن يتصبر) يعالج الصبر ويتكلفه على ضيق العيش وغيره من مكاره الدنيا. قال في شرح المشكاة قوله يعفه الله يريد أن من طلب من نفسه العفة عن السؤال ولم يظهر الاستغناء يعفه الله أي يصيره عفيفًا ومن ترقى من هذه المرتبة إلى ما هو أعلى من إظهار الاستغناء عن الخلق لكن إن أعطي شيئًا لم يردّه يملأ الله قلبه غنى ومن فاز بالقدح المعلى وتصبر وإن أعطي لم يقبل فهو هو إذ الصبر جامع لمكارم الأخلاق. (يصبره الله) يرزقه الله الصبر (وما أُعطيَ أحد) بضم الهمزة مبنيًا للمفعول وأحد رفع نائب عن الفاعل (عطاء) نصب مفعول ثان لأعطي (خيرًا) صفة عطاء (وأوسع) عطف على خيرًا (من الصبر) لأنه جامع لكارم الأخلاق أعطاهم ﷺ لحاجتهم ثم نبههم على موضع الفضيلة.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال):
(و) الله (الذي نفسي بيده) إنما حلف لتقوية الأمر وتأكيده (لأن يأخذ) بلام التأكيد (أحدكم حبله) وفي رواية أحبله بالجمع (فيحتطب) بتاء الافتعال. وفي مسلم فيحطب بغير تاء أي فإن يحتطب أي يجمع الحطب (على ظهره) فهو (خير له) وليست خير هنا من أفعل التفضيل بل هي كقوله تعالى: ﴿أصحاب الجنة يومئذٍ خير مستقرًّا﴾ [الفرقان: ٢٤](من أن يأتي رجلاً) أعطاه الله من فضله