العلماء بفتح العين وسكون اللام وبالمدّ (ملك أيلة) بفتح الهمزة وسكون المثناة التحتية بعدها لام مفتوحة بلدة قديمة بساحل البحر (للنبي ﷺ بغلة بيضاء) واسمها كما جزم به النووي دلدل وقال: لكن ظاهر اللفظ هنا أهداها للنبي-ﷺ في غزوة تبوك وكانت سنة تسع من الهجرة، وقد كانت هذه البغلة عند النبي ﷺ قبل ذلك وحضر عليها غزوة حنين كما هو مشهور في الحديث، وكانت حنين عقب فتح مكة سنة ثمان. قال القاضي: ولم يرو أنه كان له ﷺ بغلة غيرها فيحمل قوله على أنه أهداها له قبل ذلك، وقد عطف الإهداء على المجيء بالواو وهي لا تقتضي الترتيب انتهى كلام النووي.
وتعقبه الجلال البلقيني بأن البغلة التي كان عليها يوم حنين غير هذه، ففي مسلم أنه كان ﵊ على بغلة بيضاء أهداها له فروة الجذامي وهذا يدل على المغايرة. قال وفيما قاله القاضي من التوحيد نظر فقد قيل: إنه كان له من البغال دلدل وفضة والتي أهداها ابن العلماء والأيلية وبغلة أهداها له كسرى وأخرى من دومة الجندل وأخرى من عند النجاشي كذا في السيرة لمغلطاي قال: وقد وهم في تفريقه بين بغلة ابن العلماء والأيلية فإن ابن العلماء هو صاحب أيلة، ونقص ذكر البغلة التي أهداها له فروة الجذامي.
(وكساه) النبي ﷺ(بردًا) الضمير المنصوب عائد على ملك أيلة وهو المكسو، (وكتب)﵊(له) أي لملك أيلة (ببحرهم) أي ببلدهم، والمراد أهل بحرهم لأنهم كانوا سكانًا بساحل البحر، والمعنى أنه أقره عليهم بما التزمه من الجزية، ولفظ الكتاب كما ذكره ابن إسحاق بعد البسملة هذه أمنة من الله، ومحمد النبي رسول الله ليوحنا بن روبة وأهل أيلة أساقفتهم وسائرهم في البر والبحر لهم ذمة النبي ومن كان معه من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر فمن أحدث منهم حدثًا فإنه لا يحول ماله دون نفسه وأنه طيب لمن أخذه من الناس وأنه لا يحل أن يمنعوه ماء يردونه من برّ وبحر. وهذا كتاب جهيم بن الصلت وشرحبيل بن حسنة بإذن رسول الله ﷺ.
(فلما أتى)ﷺ(وادي القرى) المدينة السابق ذكرها قريبًا (قال للمرأة) صاحبة الحديقة المذكورة قبل: (كم جاءت) وفي نسخة: جاء بإسقاط تاء التأنيث وجاء هنا بمعنى كان أي كم كان (حديقتك) أي ثمرها، ولمسلم: فسأل المرأة عن حديقتها كم بلغ ثمرها (قالت: عشرة أوسق) بنصب عشرة على نزع الخافض أي بمقدار عشرة أوسق أو على الحال. وتعقبه في المصابيح بأنه ليس المعنى على أن ثمر الحديقة جاء في حال كونه عشرة أوسق بل لا معنى له أصلاً انتهى.
(خرص رسول الله ﷺ) مصدر منصوب بدل من عشرة أو عطف بيان لها، ولأبي ذر: خرص بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي هي خرص ويجوز رفع عشرة، وخرص على تقدير الحاصل عشرة أوسق وهي خرص رسول الله ﷺ كذا قاله الكرماني والبرماوي وابن حجر والعيني والزركشي، وتعقبه الدماميني بأنه مناف لتقديره أولاً جاءت بمقدار عشرة أوسق. (فقال النبي ﷺ: إني متعجل إلى المدينة