للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"اختصمت الجنة والنار إلى ربّهما" الحديث. وفيه أنه ينشئ للنار خلقًا صوابه كما رواه في موضع آخر من طريق عبد الرزاق عن همام عن أبي هريرة بلفظ، فأما الجنة فينشئ الله لها خلقًا، فسبق لفظ الراوي من الجنة إلى النار، وصار منقلبًا. ولذا جزم ابن القيم بأنه غلط، ومال إليه البلقيني حيث أنكر هذه الرواية، واحتج بقوله ولا يظلم ربك أحدًا.

والمدبج بالموحدة والجيم رواية القرينين التقاربين في السن والإسناد، أحدهما عن الآخر، كرواية كلٌّ من أبي هريرة وعائشة عن الآخر، وكرواية التابعي عن تابعي مثله كالزهري وعمر بن عبد العزيز وكذا من دونهما.

والمصحف الذي تغير بنقط الحروف أو حركاتها أو سكناتها، كحديث جابر رمي أُبيّ يوم الأحزاب على أكحله، صحفه غندر فقال أبي بالإضافة، وإنما هو أُبيّ بن كعب وأبو جابر استشهد قبل ذلك في أُحُد.

والناسخ والمنسوخ ويعرف النسخ بتنصيص الشارع عليه كحديث بريدة "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" أو بجزم الصحابي بالتأخر كقول جابر في السنن، كان آخر الأمرين من النبي ترك الوضوء مما مسّت النار أو بالتاريخ، فإن لم يعرف فإن أمكن ترجيح أحدهما بوجه من وجوه الترجيح متنًا أو إسنادًا لكثرة الرواة وصفاتهم تعين المصير إليه، وإلا فيجمع بينهما، فإن لم يمكن يوقف عن العمل بأحدهما.

والمختلف أن يوجد حديثان متضادان في المعنى بحسب الظاهر، فيجمع بما ينفي التضاد، كحديث "لا عدوى ولا طيرة" مع حديث "فرّ من المجذوم" وقد جمع بينهما بأن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها، ولكن جعل الله تعالى مخالطة المريض للصحيح سببًا لإعدائه وقد يتخلف.

ومن الأنواع رواية الآباء عن الأبناء، وهو كرواية الأكابر عن الأصاغر، ورواية الأبناء عن الآباء، ويدخل في رواية الابن عن أبيه عن جدّه، وأكثر ما انتهت الآباء فيه إلى أربعة عشر أبًا، والسابق اللاحق وهو من اشترك في الرواية عنه راويان متقدم ومتأخر تباين وقت وفاتيهما تباينًا شديدًا فحصل بينهما أمر بعيد، وإن كان المتأخر غير معدود من معاصري الأوّل ومن طبقته. ومن أمثلة ذلك أن البخاري حدث عن تلميذه أبي العباس السراج بأشياء في التاريخ وغيره، ومات سنة ست وخمسين ومائتين، وآخر مَن حدّث عن السراج بالسماع أبو الحسين الخفات ومات سنة ثلاث وتسعين وثلثمائة، ومنه أن الحافظ السلفي سمع منه أبو عليّ البرداني أحد مشايخه حديثًا رواه عنه ومات على رأس الخمسمائة، ثم كان آخر أصحابه بالسماع سبطه أبو القاسم عبد الرحمن بن مكي، وكانت وفاته سنة خمسين وستمائة.

ومن فوائده تقرير حلاوة الإسناد في القلوب والإخوة والأخوات، فمن أمثلة الاثنين هشام وعمرو ابنا العاصي وزيد ويزيد ابنا ثابت، ومن الثلاثة سهل وعباد وعثمان بنو حنيف بالتصغير،

<<  <  ج: ص:  >  >>