إذا اتفق له أن يشتري شيئًا مما تصدق به لا يتركه في ملكه حتى يتصدق به ثانيًا، فكأنه فهم أن النهي عن شراء الصدقة إنما هو لمن أراد أن يتملكها لا لمن يردها صدقة.
وقال الكرماني وتبعه البرماوي والعيني: الترك بمعنى التخلية وكلمة من مقدرة أي لا يخلو الشخص من أن يبتاعه في حال الصدقة أو لغرض من أغراض الصدقة اهـ.
وهذه رواية أبي ذر كما قاله في فتح الباري وغيره، ولغير أبي ذر: بحذف حرف النفي.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك بن أنس) الإمام، وسقط لأبي ذر ابن أنس (عن زيد بن أسلم) العدوي المدني (عن أبيه) أسلم المخضرم مولى عمر المتوفى سنة ستين وهو ابن أربع عشرة ومائة سنة (قال: سمعت عمر بن الخطاب ﵁ يقول حملت) رجلاً (على فرس في سبيل الله)، أي جعلته حمولة من لم تكن له حمولة من المجاهدين ملكه إياه، وكان اسم الفرس فيما ذكره ابن سعد في الطبقات الورد وكان لتميم الداري فأهداه للنبي ﷺ فأعطاه لعمر ولم يعرف الحافظ ابن حجر اسم الرجل (فأضاعه) الرجل (الذي كان عنده)، بترك القيام عليه بالخدمة والعلف والسقي وإرساله للرعي حتى صار كالشيء الهالك، (فأردت أن أشتريه فظننت) وفي نسخة: وظننت بالواو بدل الفاء: (أنّه يبيعه برخص فسألت النبي ﷺ) عن ذلك (فقال):
(لا تشتر) بحذف ضمير المفعول، ولأبي ذر، وابن عساكر: لا تشتره بإثباته، ولابن عساكر: لا تشتريه بإشباع كسرة الراء والياء، وظاهر النهي التحريم لكن الجمهور على أنه للتنزيه فيكره لمن تصدق بشيء أو أخرجه فى زكاة أو كفارة أو نذر أو نحو ذلك من القربات أن يشتريه ممن دفعه هو إليه أو يتهبه أو يتملكه باختياره منه، فأما إذا ورثه منه كراهة فيه. وكذا لو انتقل إلى ثالث ثم اشتراه منه المتصدق فلا كراهة.
وحكى الحافظ العراقي في شرح الترمذي كراهة شرائه من ثالث انتقل إليه من المتصدق به عليه عن بعضهم لرجوعه فيما تركه لله، كما حرم على المهاجرين سكنى مكة بعد هجرتهم منها لله تعالى، وأشار ﵊ إلى العلة في نهيه عن الابتياع بقوله:
(ولا تعد في صدقتك) أي لا تعد في صدقتك بطريق الابتياع ولا غيره فهو من عطف العام على الخاص (وإن أعطاكه بدرهم) متعلق بقوله: لا تشتره أي لا ترغب فيه البتة ولا تنظر إلى رخصه