للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(إنك ستأتي قومًا أهل كتاب)، بنصب أهل بدلاً من قوم لا صفة وهذا كالتوطئة للوصية لتقوى همته عليها لكون أهل الكتاب أهل علم في الجملة، ولذا خصهم بالذكر تفضيلاً لهم على غيرهم من عبدة الأوثان، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: أهل الكتاب بالتعريف (فإذا جئتهم) عبر بإذا دون إن تفاؤلاً بالوصول إليهم (فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله) بدأ بهما لأنهما أصل الدين الذي لا يصح شيء غيرهما إلا بهما، واستدلّ به على أنه لا يكفي في الإسلام الاقتصار على شهادة أن لا إله إلا الله حتى يضيف الشهادة لمحمد بالرسالة وهو قول الجمهور، (فإن هم أطاعوا) أي شهدوا وانقادوا (لك بذلك) وعدى أطاع باللام وإن كان يتعدى بنفسه لتضمنه معنى انقاد، ولابن خزيمة: فإن هم أجابوا لذلك (فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لك بذلك) بأن أقروا بوجوب الخمس عليهم وفعلوها (فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة) في أموالهم (تؤخذ من أغنيائهم) يأخذها الإمام أو نائبه (فترد على فقرائهم) خصهم بالذكر وإن كان مستحق الزكاة أصنافًا أخر لمقابلة الأغنياء ولأن الفقراء هم الأغلب، والضمير في فقرائهم يعود على أهل اليمن فلا يجوز النقل لغير فقراء أهل بلد الزكاة كما سبق أول الزكاة، (فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم) أي نفائس (أموالهم) بنصب كرائم بفعل مضمر لا يجوز إظهاره للقرينة الدالة عليه. وقال ابن قتيبة: لا يجوز حذف واو وكرائم اهـ.

وعلل بأنها حرف عطف فيختل الكلام بالحذف.

(واتق دعوة المظلوم)، أي تجنب جميع أنواع الظلم لئلا يدعو عليك المظلوم وإنما ذكره عقب المنع من أخذ الكرائم للإشارة إلى أن أخذها ظلم (فإنه ليس بينه) أي المظنوم، ولأبي ذر عن الكشميهني والأصيلي: فإنها ليس بينها أي دعوة المظلوم (وبين الله حجاب) وإن كان المظلوم عاصيًا لحديث أحمد عن أبي هريرة بإسناد حسن مرفوعًا: دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرًا ففجوره على نفسه وليس لله حجاب يحجبه عن خلقه.

فإن قلت: إن بعث معاذ كان بعد فرض الصوم والحج فلم لم يذكرهما؟ أجيب: بأنه اختصار من بعض الرواة، وقيل: إن اهتمام الشارع بالصلاة والزكاة أكثر ولذا كررا في القرآن فمن ثم لم يذكرهما في هذا الحديث.

وقال الإمام البلقيني: إذا كان الكلام في بيان الأركان لم يخل الشارع منها بشيء كحديث ابن عمر: بني الإسلام على خمس فإذا كان في الدعاء إلى الإسلام اكتفي بالأركان الثلاثة الشهادة والصلاة والزكاة ولو كان بعد وجود فرض الصوم والحج لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ﴾ [التوبة: ٥] في، موضعين من براءة مع أن نزولها بعد فرض الصوم والحج قطعًا، والحكمة في ذلك أن الأركان الخمسة: اعتقادي وهو الشهادة، وبدني وهو الصلاة، وماليّ وهو الزكاة فاقتصر

<<  <  ج: ص:  >  >>