للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإنما لم يذكر له الشهادة لأنه علم أنه يعلمها أو علم أنه إنما يسأل عن الشرائع الفعلية أو ذكرها فلم ينقلها الراوي لشهرتها (فقال) الرجل المذكور، ولابن عساكر قال (هل عليّ غيرها) بالرفع مبتدأ مؤخر خبره عليّ (قال) (لا) شيء عليك غيرها وهو حجة على الحنفية حيث أوجبوا الوتر وعلى الإصطخري من الشافعية حيث قال: إن صلاة العيدين فرض كفاية (إلا أن تطوع) استثناء من قوله لا منقطع أي لكن التطوّع مستحب لك، وعلى هذا لا تلزم النوافل بالشروع فيها، لكن يستحب إتمامها ولا يجب. وقد روى النسائي وغيره أن النبي- كان أحيانًا ينوي صوم التطوّع ثم يفطر، وفي البخاري أنه أمر جويرية بنت الحرث أن تفطر يوم الجمعة بعد أن شرعت فيه، فدل على أن الشروع في النفل لا يستلزم الإتمام، فهذا النص في الصوم والباقي بالقياس ولا يرد الحج لأنه امتاز عن غيره بالمضي في فاسده، فكيف في صحيحه أو الاستثناء متصل على الأصل، واستدل به على أن الشروع في التطوّع يلزم إتمامه. وقرره القرطبي من المالكية بأنه نفي وجوب شيء آخر أي: إلا ما تطوّع به، والاستثناء من النفي إثبات ولا قائل بوجوب التطوع، فتعيّن أن يكون المراد إلا أن تشرع في تطوّع فيلزمك إتمامه.

وفي مسند أحمد من حديث عائشة قالت: أصبحت أنا وحفصة صائمتين فأهديت لنا شاة فأكلنا، فدخل علينا النبي فأخبرناه فقال "صوما يومًا مكانه" والأمر للوجوب، فدلّ علي أن الشروع ملزم.

(قال) وفي رواية أبي الوقت والأصيلي فقال (رسول الله وصيام) بالرفع عطفًا على خمس

صلوات وفي رواية أبي ذر وصوم (رمضان. قال) الرجل (هل عليّ غيره؟ قال) : (لا إلا أن تطوّع) فلا يلزمك إتمامه إذا شرعت فيه أو إلا إذا تطوّعت، فالتطوّع يلزمك إتمامه لقوله تعالى: ﴿ولا تبطلوا أعمالكم﴾ [محمد: ٣٣] وفي استدلال الحنفية نظر لأنهم لا يقولون بفرضية الإتمام بل بوجوبه واستثناء الواجب من الفرض منقطع لتباينهما، وأيضًا فإن الاستثناء عندهم من النفي ليس للإثبات بل مسكوت عنه كما قاله في الفتح. (قال) الراوي طلحة بن عبيد الله (وذكر له رسول الله الزكاة قال) وفي رواية الأصيلي وأبي ذر فقال الرجل المذكور: (هل عليّ غيرها؟ قال) (لا إلا أن تطوّع، قال) الراوي (فأدبر الرجل) من الإدبار أي تولى (وهو يقول) أي والحال أنه يقول: (والله لا أزيد) في التصديق والقبول (على هذا ولا أنقص) منه شيئاً أي قبلت كلامك قبولاً لا مزيد عليه من جهة السؤال ولا نقصان فيه من طريق القبول، أو لا أزيد على ما سمعت ولا أنقص منه عند الإبلاغ لأنه كان وافد قومه ليتعلم ويعلمهم، لكن يعكر عليهما رواية إسماعيل بن جعفر حيث قال: لا أتطوّع شيئًا ولا أنقص مما فرض الله علي شيئًا، أو المراد لا أغير صفة الفرض كمن ينقص الظهر مثلاً ركعة أو يزيد المغرب، (قال رسول الله : أفلح) الرجل أي فاز (إن صدق) في كلامه. واستشكل كونه أثبت له الفلاح بمجرد ما ذكر وهو لم يذكر له جميع الواجبات ولا المنهيات

<<  <  ج: ص:  >  >>