للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على منع استدامة الطيب بعد الإِحرام للأمر بغسل أثره من الثوب والبدن لعموم قوله: اغسل الطيب الذي بك وهو قول مالك ومحمد بن الحسن.

وأجاب الجمهور بأن قصة يعلى كانت بالجعرانة سنة ثمان بلا خلاف كما مرّ وقد ثبت عن عائشة أنها طيبته في حجة الوداع سنة عشر بلا خلاف وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من الأمر، والظاهر أن العامل في ثلاث مرات أقرب الفعلين إليه وهو: اغسل وعليه فيكون قوله ثلاث مرات من جملة مقول النبي وهو نص في تكرر الغسل، ويحتمل أن يكون العامل فيه قال أي قال له النبي ثلاث مرات اغسل الطيب، فلا يكون فيه تنصيص على أمره بثلاث غسلات إذ ليس في قوله اغسل الطيب تصريح بالغسلات الثلاث لاحتمال كون المأمور به غسلة واحدة، لكنه أكد في شأنها وعلى الأول فهمه ابن المنير فإنه قال في الحديث ما يدل على أن المعتبر في هذا الباب ذهاب الجرم الظاهر لا الأثر بالكلية، لأن الصباغ لا يزول لونه ولا رائحته بالكلية بثلاث مرات، فعلى هذا من غسل الدم من ثوبه لم يضره بقاء طبعه انتهى.

لكن لو كان في الحديث ما يدل على أن الخلوق كان في الثوب أمكن ما قاله، ولكن ظاهره أن الخلوق كان في بدنه لا في ثيابه لقوله: وهو متضمخ بطيب. وإذا كان الخلوق في البدن أمكن أن تزول رائحته ولونه بالكلية بغسله ثلاث مرات لأن علوق الطيب بالبدن أخف من علوقه بالثوب قاله في المصابيح.

(وانزع عنك الجبة، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك) وللكشميهني: ما تصنع في حجتك بإسقاط كاف كما وتاء حجتك وفيه دلالة على أنه كان يعرف أعمال الحج قبل ذلك، وعند مسلم والنسائي من طريق سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء في هذا الحديث فقال: ما كنت صانعًا في حجك: قال أنزع عني هذه الثياب وأغسل عني هذا الخلوق. فقال: ما كنت صانعًا في حجك فاصنعه في عمرتك أي فلما ظن أن العمرة ليست كالحج قال له إنها كالحج في ذلك، وقد تبين أن المأمور به في قوله اصنع الغسل والنزع.

قال ابن جريج: (قلت لعطاء: أراد) (الإنقاء حين أمره) (أن يغسل ثلاث مرات؟ قال: نعم) أراد الإنقاء وهو يؤيد الاحتمال الأول وهو أن يكون ثلاث مرات معمولاً لاغسل وأنه من كلام النبي . وقال الإسماعيلي: ليس في الخبر أن الخلوق كان على الثوب كما في الترجمة وإنما فيه أن الرجل كان متضمخًا ولا يقال لمن طيب ثوبه أو صبغه به متضمخ. وقوله : اغسل الطيب الذي بك يبين أن الطيب لم يكن في ثوبه ولو كان على الجبة لكان في نزعها كفاية من جهة الإحرام انتهى يعني فليس بين الحديث والترجمة مطابقة.

وأجيب: بأن المؤلّف جرى على عادته أن يشير إلى ما وقع في بعض طرق الحديث الذي يورده، وقد أورده في محرمات الإحرام من وجه آخر بلفظ: عليه قميص فيه أثر صفرة والخلوق في

<<  <  ج: ص:  >  >>