للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لمثله مسافة، وسمي تمتعًا لتمتع صاحبه بمحظورات الإحرام بينهما وخرج بالقيود المذكورة ما لو أحرم بالحج أوّلاً لقوله تعالى: ﴿فمن تمتع بالعمرة إلى الحج﴾ وما لو أحرم بالعمرة في غير أشهر الحج وإن وقع أعمالها في أشهره لأنه لم يجمع بينهما في وقت الحج فأشبه الفرد، وما لو أحرم في أشهر الحج من الحرم ومن دون مسافة القصر لأنه من حاضري في المسجد الحرام، وقد قال تعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٩٦] وما لو أحرم بها من مسافة القصر فأكثر من الحرم ولم يحج من عامها أو حج من عامها وعاد قبل إحرامه به أو بعده وقبل التلبس بنسك إلى ميقات أو مثله مسافة ولو أقرب مما أحرم به بالعمرة وهذه القيود المذكورة إنما هي قيود للتمتع الموجب للدم لا في صدق اسم التمتع.

(والإقران) أن يجمع بينهما في إحرامه فتندرج أفعال العمرة في أفعال الحج أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل الشروع في الطواف، فلو أحرم بالحج أوّلاً ثم أدخل عليه العمرة لم يصح على أصح قولي الشافعي لأنه لا يستفيد به شيئًا بخلاف إدخاله الحج على العمرة يستفيد به الوقوف والرمي والمبيت، ولأنه يمتنع إدخال الضعيف على القوي نعم صحح الإمام البلقيني في التدريب القول الآخر وجعله من أنواع القران فقال: والمختار جوازه لصحة ذلك من فعله وقد قال: "خذوا مناسككم عني" قال ثم يمتد الجواز ما لم يشرع في طواف القدوم على الأرجح اهـ.

وقوله: الإقران كذا في رواية أبي ذر بالهمزة المكسورة قبل القاف الساكنة قال القاضي عياض: وهو خطأ من حيث اللغة، وقال السفاقسي: الإقران غير ظاهر لأن فعله ثلاثي وصوابه قرن. قال في التنقيح: لم يسمع في الحج أقرن ولا قرن في المصدر منه، وإنما هو قران مصدر قرن بين الحج والعمرة إذا جمع بينهما قال في المصابيح: أراد تخطئة البخاري لقصد المشاكلة بين الإقران والإفراد نحو: ارجعن مأزورات غير مأجورات اهـ.

ولأبي الوقت: والقران (والإفراد بالحج) بأن يحج ثم يعتمر أو يحرم بعمرة في غير أشهر الحج أو فيها على دون مسافة القصر من الحرم أو على مسافته منه ولم يحج عام العمرة أو يحج عامها ويعود إلى ميقات. نعم ما سوى الأولى تمتع لكن لا يوجب دمًا (وفسخ الحج) إلى العمرة أي قلبه عمرة بأن يحرم به ثم يتحلل منه بعمل عمرة فيصير متمتعًا (لمن لم يكن معه هدي) وجوّزه أحمد وطائفة من أهل الظاهر. وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وجماهير العلماء من السلف والخلف: أنه خاص بالصحابة وبتلك السنة ليخالفوا ما كانت عليه الجاهلية من تحريم العمرة في أشهر الحج واعتقادهم أن إيقاعها فيه من أفجر الفجور.

ودليل التخصيص حديث الحرث بن بلال عن أبيه المروي عند أبي داود والنسائي وابن ماجة قال: قلت: يا رسول الله أرأيت فسخ الحج إلى العمرة لنا خاصة أم للناس عامة؟ فقال (بل لكم خاصة) وأجاب القائلون بالأوّل بأن حديث الحرث بن بلال ضعيف، فإن الدارقطني قال: إنه تفرّد

<<  <  ج: ص:  >  >>