المذكورة: حتى أحل من الحج، وعبر عن الإحرام بالحج بسوق الهدي لأنه كان ملازمًا له في تلك الحجة فإنه قال لهم: من كان معه الهدي فليهل بالحج مع عمرته ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا، ولما كان عليه الصلاة الصلاة والسلام قد أدخل العمرة على الحج لم يفده الإحرام بالعمرة سرعة الإحلال لبقائه على الحج فشارك الصحابة في الإحرام بالعمرة وفارقهم ببقائه على الحج وفسخهم له، وليس التلبيد والتقليد من الحل ولا من عدمه وإنما هو لبيان أنه من أول الأمر مستعد لدوام إحرامه حتى يبلغ الهدي محله والتلبيد مشعر بمدّة طويلة.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الحج واللباس والمغازي، ومسلم في الحج وكذا أبو داود والنسائي وابن ماجة.
وبه قال:(حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (أخبرنا أبو جمرة) بالجيم والراء المفتوحتين (نصر بن عمران) بفتح النون وسكون الصاد المهملة (الضبعي) بضم الضاد المعجمة وفتح الموحدة (قال: تمتعت، فنهاني ناس)، قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على أسمائهم وكان ذلك في زمن عبد الله بن الزبير وكان ينهى عن المتعة كما رواه مسلم، (فسألت ابن عباس ﵄ فأمرني)، أي أن استمر على التمتع (فرأيت في المنام كأن رجلاً يقول لي): هذا (حج مبرور) مقبول صفة لحج ولابن عساكر حجة مبرورة بالتأنيث فيهما (وعمرة متقبلة، فأخبرت ابن عباس) بما رأيته في المنام من قول الرجل حج مبرور وعمرة متقبلة (فقال:) لي هذه (سنة النبي ﷺ) ويجوز نصب سنة وهي رواية غير أبي ذر بتقدير وافقت أو أتيت. وقال الزركشي على الاختصاص، قال الدماميني: لا وجه لجعل هذا من الاختصاص فتأمله والرفع لأبي ذر، (فقال لي) ابن عباس: (أقم عندي فأجعل) بالرفع ويجوز النصب بأن مقدرة وكلاهما في الفرع والجزم جوابًا للأمر، ولأبي ذر: واجعل بالواو والدالة على الحالية والنصب (لك سهمًا) نصيبًا (من مالي). قال المهلب: فيه أنه يجوز للعالم أخذ الأجر على العلم وفيه نظر إذ الظاهر أنه إنما عرض عليه ماله رغبة في الإحسان إليه لما ظهر أن عمله متقبل وحجه مبرور وإنما يتقبل الله من المتقين قاله في المصابيح.
(قال شعبة): بن الحجاج (فقلت): أي لأبي جمرة (لم)؟ استفهام عن سبب ذلك (فقال): أبو جمرة (للرؤيا) أي لأجل الرؤيا المذكورة (التي رأيت) بتاء المتكلم أي ليقص على الناس هذه الرؤيا المبينة لحال المتعة. قال المهلب: ففي هذا دليل على أن الرؤيا الصادقة شاهد على أمور اليقظة وفيه،